للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢١٦ - {فَإِنْ عَصَوْكَ}؛ أي خالفوا أمرك: ولم يتبعوك؛ أي: فإن خرجت عشيرتك عن الطاعة وخالفوك، ولم يتبعوك {فَقُلْ} لهم {إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}؛ أي: من عملكم، أو من الذي تعملونه؛ أي: فإني بريء من عبادتكم لغير الله تعالى، ولا تبرأ منهم، وقيل لهم قولًا معروفًا بالنصح والعظة لعلهم يرجعون إلى طاعتك، وقبول الدعوة منك.

وهذا (١) يدل على أن المراد بالمؤمنين المشارفون للإيمان المصدقون باللسان؛ لأن المؤمنين الخلص لا يعصونه ولا يخالفونه. والمعنى: أي: فإن (٢) عصاك من أنذرتهم من العشيرة فلا ضير عليك، وقد أديت ما أمرت به، ولا عليك إثم مما يعملون، وقيل لهم: إني بريء منكم ومن دعائكم مع الله إلهًا آخر، وإنكم ستجزون بجرمكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

والخلاصة: فبعد الإنذار من آمن منهم فتواضع له، ومن خالفك فتبرأ منه ومن عمله، وقيل له: {إِنِّي بَرِيءٌ ...} هو إلخ،

٢١٧ - ثم بين له ما يعتمد عليه عند عصيانهم له، فقال:

٤ - {وَتَوَكَّلْ} في جميع حالاتك {عَلَى الْعَزِيزِ} الذي لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، فهو يقدر على قهر أعدائه {الرَّحِيمِ} الذي يرحم من توكل عليه، وفوض أمره إليه بالظفر والنصرة، فهو ينصر أولياءه، ولا تتوكل على الغير، فإن الله تعالى هو الكافي لشر الأعداء لا الغير، والتوكل على الله تعالى في جميع الأمور، والإعراض عما سواه ليس إلا من خواص الكمل. جعلنا الله سبحانه وإياكم من الملحقين بهم. والتوكل: عبارة عن تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره، ويقدر على نفعه وضره، وهو الله سبحانه وتعالى العزيز الرحيم.

وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر وشيبة (٣): {فتوكل} - بالفاء - على الإبدال من جواب الشرط. وقرأ باقي السبعة: {وَتَوَكل} - بالواو - على العطف على


(١) الشوكاني
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.