للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرداءة. حكي أن امرأة مرضت مرضًا شديدًا طويلًا، فأطالت على الله تعالى في ذلك وكفرت، ولذا قيل: عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان.

والابتلاء مطلقًا؛ أي: سواء كان في صورة المحبوب، أو في صورة المكروه رحمة من الله تعالى في الحقيقة؛ لأن مراده جذب عبده إليه، فإن لم ينجذب حكم عليه بالغضب في الدنيا والآخرة، كما ترى في الأمم السالفة، ومن يليهم في كل عصر إلى آخر الزمان.

والمعنى: أي (١) بل أنتم قوم يختبركم ربكم حين أرسلني إليكم أتطيعونه فتعملوا بما أمركم به، فيجزيكم الجزيل من ثوابه، أم تعصونه فتعملوا بخلافه فيحل بكم عقابه.

٤٨ - ثم ذكر أن قريته كانت كثيرة الفساد، فقال: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة}؛ أي: في مدية ثمود، وهي الحجر، وتقدم في سورة الحجر أن الحجر واد بين المدينة والشام، وهو ديار ثمود. {تِسْعَةُ رَهْطٍ}؛ أي: تسعة أشخاص، وبهذا الاعتبار وقع تمييزًا للتسعة، لا باعتبار لفظه، فإن مميز الثلاثة إلى العشرة مخفوض مجموع. قال (٢) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أسماؤهم: وهي، ورعيم، وهرمي، وهريم، ودابّ، وصواب، ورباب، ومسطع، وقدار بن سالف عاقر الناقة، وأسماؤهم عن وهب بن منبه قد نظمها بعضهم في بيتين، فقال:

رَبَابٌ وَغَنْمٌ وَالْهَذِيْلُ وَمِسْطَعٌ ... عُمَيْرٌ بَسِيْطٌ عَاصِمٌ وَقِدَارُ

وَسَمْعَانُ رَهْطٍ الْمَاكِرِيْنَ بِصَالِحٍ ... أَلَا إِنَّ عُدْوَانَ النُفُوْسِ جَوَارُ

وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وكانوا عتاة قوم صالح، وكانوا من أبناء أشرافهم.

ثم وصف التسعة بقوله: {يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: يعملون الفساد في أرض الحجر بالشرك، وسائر أنواع المعاصي {وَلَا يُصْلِحُونَ}؛ أي: لا يفعلون


(١) المراغي.
(٢) المراح.