للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١ - {الَّذِي خَلَقَنِي} وصورني من النطفة بالتكوين في القرار المكين، {فَهُوَ} وحده {يهدينـ} ـي ويرشدني إلى مصالح الدين والدنيا بضروب الهدايات في كل لحظة ولمحة. والاستقبال (١) في {يهديني} مع سبق العناية بالهداية؛ لأنه يحتمل يهديني للأهم الأفضل، والأتم الأكمل، أو الذي خلقني لأسباب خدمته، فهو يهديني إلى آداب خلته، أي: رب العالمين هو الخالق الذي خلقني وصوّرني فأحسن صورتي، فهو الذي يهديني إلى كل ما يهمني من أمور المعاش والمعاد هداية تتجدد على جهة الدوام والاستمرار.

٢ - ٧٩ {و} هو الإله {الَّذِي هُوَ} وحده {يُطْعِمُنِي}؛ أي: طعام شاء {وَيَسْقِينِ} ـي أي شراب شاء؛ أي: هو وحده رازقي بكل منافع الرزق وأنواعها، فمن عنده طعامي وشرابي، وليس الإطعام والسقي عبارتين عن مجرد خلق الطعام والشراب له، وتمليكهما إياه، بل يدخل فيهما إعطاء جميع ما يتوقف الانتفاع بالطعام والشراب عليه، كالشهوة وقت المضغ والابتلاع والهضم والدفع ونحو ذلك، ومن دعاء أبي هريرة - رضي الله عنه - اللهم اجعل لي ضرسًا طحونًا، ومعدة هضومًا، ودبرًا بشورًا.

والمعنى (٢): وهو رازقي بما يسر من الأسباب السماوية والأرضية، فساق المزن، وأنزل الماء، فأحيا به الأرض، وأخرج به من كل الثمرات رزقًا للعباد، وأنزل الماء عذبًا زلالًا، يسقيه ما خلق من الأنعام والأناسي.

فإن قلت: لِمَ زاد {هُوَ} عقب {الَّذِي} في الإطعام والسقي؟

قلت: لأنهما مما يصدران من الإنسان عادة، فيقال: زيد يطعم ويسقي، فذكر {هُوَ} تأكيدًا وإعلامًا بأن ذلك منه تعالى، لا من غيره بخلاف الخلق والموت والحياة، لا تصدر من غير الله تعالى: اهـ من "فتح الرحمن".

وتكرير (٣) الموصول في المواضع الثلاثة المعطوفة للإيذان بأن كل واحد من


(١) النسفي.
(٢) المراغي.
(٣) أبو السعود.