للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النفوس إلى سبيل الكمال، في دنياها وآخرتها.

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر في أول السورة، أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى التوحيد، وأثبت أنه نبي، ودعا إلى الحشر والنشر، فقابلوه بالسفاهة، وقالوا: إنه ساحر كذاب، ثم صبّره على ذلك، وقص عليه من قصص الأنبياء، قبله ما يكون سلوة له في الصبر على الأذى، ثم أردف ذلك بذكر ثواب أهل الجنة، وعذاب أهل النار .. عاد هنا إلى تقرير هذه المطالب، التي ذكرها أول السورة، وهي تقرير التوحيد، والنبوة، والبعث.

قوله تعالى: {إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَرًا ...} الآيات، قد سلف (١) ذكر هذه القصة في سور البقرة، والأعراف، والحجر، والإسراء، والكهف، كما ذكرت هنا، والعبرة منها النهي عن الحسد، والكبر؛ لأن إبليس إنما وقع فيما وقع فيه بسببهما، والكفار إنما نازعوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بسببهما، وكرر ذكرها ليكون زاجرا لهم عنهما، والمواعظ، والنصائح باب من أبواب التكرير، للمبالغة في النصح والإرشاد.

التفسير وأوجه القراءة

٥٥ - {هذا} قال الزجاج: خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الأمر في حق المؤمنين، هذا الذي ذكرناه. فيوقف على هذا، قال ابن الأنباري: وهذا وقف حسن، ثم يبتدىء، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: هذا المذكور للمؤمنين، وكلاهما من فصل الخطاب، وقال ابن الأثير: {هذا} في هذا المقام من الفصل، الذي هو خير من الوصل، وهي علاقة وكيدة بين الخروج من الكلام إلى كلام آخر، وقال بعضهم (٢): هذا من قبيل، ما إذا فرغ الكاتب من فصل، وأراد الشروع في فصل آخر، منفصل عما قبله، قال: {هذا}؛ أي: احفظ ما كان كيت وكيت، وانتظر إلى ما يجيىء.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.