للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشمس والقمر كما مر في حلنا. وقرأ أبو حيوة بجر {الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} عطفًا على الليل على قراءة من قرأ: {وجاعل الليل} وقرىء (١) شاذًا: {الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} برفعهما على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: مجعولان حسبانًا، أو محسوبان حسبانًا. وقوله: {ذَلِكَ} إشارة إلى (٢) جعلهما حسبانًا؛ أي: ذلك التسيير بالحساب المعلوم {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ}؛ أي: تدبير الإله الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص {الْعَلِيمِ} بتدبيرهما، والأنفع من التداوير الممكنة لهما. وعبارة أبي حيان: {ذَلِكَ}؛ أي: ذلك الجعل أو ذلك الفلق والجعل، أو {ذَلِكَ} إشارة إلى جميع الأخبار من قوله: {فَالِقُ الْحَبِّ} إلى آخرها {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ}؛ أي: الغالب الذي كل شيء من هذه في تسخيره وقهره. {الْعَلِيمِ} الذي لا يعزب عنه شيء من هذه الأحوال، ولا من غيرها؛ أي (٣): حصول هذه الأحوال لا يمكن إلا بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات، وبعلم نافذ في جميع المعلومات من الكليات والجزئيات، فليس حصول حركات أجرام الأفلاك بصفاتها المخصوصة بالطبع، وإنما هو بتخصيص الفاعل المختار.

٩٧ - {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الَّذِي جَعَلَ} وخلق {لَكُمُ} أيها الناس {النُّجُومَ} والكواكب {لِتَهْتَدُوا بِهَا}؛ أي: للاهتداء بها {فِي ظُلُمَاتِ} الليل عند المسير في {الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} إذا ضللتم الطريق وتحيرتم فيه، فامتن الله على عباده بأن جعل لهم النجوم ليهتدوا بها في المسالك والطرق، والجهات التي تقصد، والقبلة في البر والبحر؛ إذ حركات الكواكب في الليل يستدل بها على القبلة، كما يستدل بحركة الشمس في النهار عليها، والمعنى: وهو الذي خلق لكم النجوم لاهتدائكم بها في مشتبهات الطرق إذا سافرتم في بر أو بحر، ولاستدلالكم بها على معرفة القبلة، وعلى معرفة أوقات الصلاة. والمراد بالنجوم هنا: ما عدا الشمس والقمر


(١) البحر المحيط.
(٢) البيضاوي.
(٣) المراح.