الطيب، والمطيع من العاصي، والظالم من المظلوم، إلى نحو أولئك ممن كان مدار دعوة الرسل عليه، وأنكرته الأمم الذي أرسلوا إليهم، ويجزي الذين أساؤوا بما علموا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسن، وقوله:{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا} معطوف على {لِيُبَيِّنَ}؛ أي: بلى يبعثهم ليبين لهم الذي يختلفون فيه، وليعلم الذين جحدوا وقوع البعث والجزاء {أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} في قولهم: لا يبعث الله من يموت، وسيدعون إلى نار جهنم دعا، وتقول لهم الزبانية: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)} هذا (١) إشارة إلى السبب الداعي إلى البعث المقتضى له، من حيث الحكمة، وهو التمييز بين الحق والباطل، والمحق والمبطل، والثواب والعقاب.
٤٠ - ثم أخبر سبحانه عن كامل قدرته، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء فقال:{إِنَّمَا} و {ما} فيه كافة {قَوْلُنَا} مبتدأ {لِشَيْءٍ}؛ أي: أي شيء كان مما عز وهان، متعلق بـ {قَوْلُنَا} على أن اللام للتبليغ، كهي في قولنا: قلت له قم فقام، فإن قلت: فيه دليل على أن المعدوم شيءٌ؛ لأنه سماه شيئًا قبل كونه.
قُلْتُ: التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى، لا أنه كان شيئًا قبل ذلك. وفي "التأويلات النجمية": في الآية دلالة على أن المعدوم الذي في علم الله إيجاده شيء، بخلاف المعدوم الذي في علم الله عدمه أبدًا، {إِذَا أَرَدْنَاهُ} ظرف لـ {قَوْلُنَا}؛ أي: وقت إرادتنا لوجوده {أَنْ نَقُولَ لَهُ} خبر المبتدأ {كُن}؛ أي: احدث وابرز من العدم إلى الوجود، لأنه من كان التامة بمعني الحدوث التام، {فَيَكُونُ} ذلك الشيء ويحدث، عطف على مقدر؛ أي: فنقول ذلك فيكون، أو جواب لشرط محذوف؛ أي: فإذا قلنا ذلك .. فهو يكون ويحدث عقيب ذلك، وهذا الكلام مجازٌ عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله، وليس هناك قول ولا مقول له، ولا آمر ولا مأمور، حتى يقال إنه يلزم أحد