جزعه من الموت لأقررت بها عينك، فأنزل الله:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.
قوله:{إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس: أن أناسًا من قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن نتبعك يخطفنا الناس، فنزلت هذه الآية. وأخرج النسائي عن ابن عباس أن الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب، ونحن أكلة رأس - يريد أنا قليلو العدد - أن يتخطفونا، فنزل قوله تعالى:{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى ...} الآية.
قوله:{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي أبي جهل بن هشام. وأخرج عنه من وجه آخر أنها نزلت في حمزة وأبي جهل.
التفسير وأوجه القراءة
٥٦ - {إِنَّكَ} يا محمد {لَا تَهْدِي} هداية موصلة إلى المقصود لا محالة، {مَنْ أَحْبَبْتَ} هدايته (١)، وقيل: أحببته لقرابته؛ أي: إنك يا محمد لا تستطيع هداية من أحببت من قومك، أو من غيرهم هداية موصلة إلى البغية، ولا تقدر أن تدخله في الإِسلام، وإن بذلت فيه غاية الطاقة، وسعيت كل السعي، {وَلَكِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} هدايته فيدخله في الإِسلام؛ أي: إن الله سبحانه يقذف في قلب من يشاء نور الهداية فينشرح صدره للإسلام، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة في ذلك، وإنما عليك البلاغ.
{وَهُوَ} سبحانه {أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}؛ أي: بالمستعدين للهداية من غيرهم، فلا يهدي إلا المستعد لها، فيُمْنَحونها، ومنهم الذين ذكرت أوصافهم من أهل الكتاب، دون من هم من أهل الغواية، كقومك وعشيرتك. وفي "الخازن": {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}؛ أي: بمن قدر له في الأزل أن يهتدي. اهـ.