للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسوله الذي لا رسول أفضل منه، حال كونه متلبسًا {بِالْهُدَى}؛ أي: بالقرآن أو بالتوحيد، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله، فيكون الجار متعلقًا بمحذوف حال من الرسول، أو بسببه، أو لأجله فيكون متعلقًا بـ {أَرْسَلَ} {وَدِينِ الْحَقِّ}؛ أي: وبدين الإِسلام، وهو (١) من قبيل إضافة الموصوف إلى صفته مثل: عذاب الحريق، والأصل: الدين الحق، والعذاب المحرق.

ومعنى الحق: الثابت الذي هو ناسخ لجميع الأديان ومبطلها.

{لِيُظْهِرَهُ}؛ أي: ليظهر الله سبحانه الدين الحق، ويعليه {عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}؛ أي: على جنس الدين بجميع أفراده التي هي الأديان المختلفة، بنسخ ما كان حقًّا منها من بعض الأحكام المتبدّلة بتبدّل الأعصار، وإظهار بطلان ما كان باطلًا منها، أو بتلسيط المسلمين على أهل سائر الأديان.

والمعنى: أي هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الإِسلام؛ ليبطل به الملل كلها، بنسخ سائر الديانات، وإظهار فساد العقائد الزائفات، حتى لا يكون دين سواه، ولقد أنجز الله وعده، حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإِسلام، ولا يبقى إلا مسلم أو ذمّة للمسلمين، وكم ترى من فتوح أكثر البلاد، وقهر الملوك الشداد، ما تعرف به قدرة الله تعالى، وقيل: ليظهره الرسول على الدين كلّه، والأول: أولى.

{وَكَفَى بِاللَّهِ} الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال، و {الباء}: زائدة، كما تقدم في غير موضع؛ أي: كفى الله سبحانه {شَهِيدًا} على هذا الإظهار الذي وعد المسلمين به، وعلى صحة نبوّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، بإظهار المعجزات، وإن لم يشهد الكفار،

٢٩ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: شهد له بالرسالة بقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} فـ {مُحَمَّدٌ} مبتدأ، و {رَسُولُ اللَّهِ}: خبره، وهو وقف تام، والجملة: مبينة للمشهود به، وقيل: {مُحَمَّدٌ}: خبر مبتدأ محذوف، وقوله: {رَسُولُ اللَّهِ}: بدل أو عطف بيان أو نعت؛ أي: ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق،


(١) روح البيان.