بيوم النهروان هي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد.
والمعنى: أي وإنّا بعد سماع القرآن مختلفون، فمنّا المخلصون في صفة الإِسلام، ومنّا المائلون عن طريق الحقّ.
{فَمَنْ أَسْلَمَ}؛ أي: أخلص بالتوحيد. قال سعدي المفتي: يجوز أن يكون من كلام الجنّ، ويجوز أن يكون من كلام الله مخاطبة لرسوله، ويؤيده ما بعده من الآيات. {فَأُولَئِكَ} إشارة إلى من أسلم، والجمع باعتبار المعنى {تَحَرَّوْا رَشَدًا}؛ أي: قصدوا طريق حقّ وصواب. والتحرّي في الأصل: طلب الأحرى والأليق قولًا أو فعلًا؛ أي: طلبوا وقصدوا رشدًا وصوابًا وحقًا، يقال: رشد كنصر وفرح رشدا ورشدًا ورشادًا: اهتدى اهتداء عظيمًا إلى طريق الحقّ والصواب يبلغهم إلى دار الثواب، فتحري الرشد مجاز عن ذلك بعلاقة السببية. وقرأ الأعرج {رشدا} بضمّ الراء وسكون الشين، والجمهور بفتحهما.
١٥ - {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ}؛ أي: الجائرون عن سنن الهدى {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}؛ أي: وقودًا توقد بهم كما توقد بكفرة الإنس.
فإن قيل: الجنّ مخلوقون من النار فكيف يكونون حطبًا لها؟
أجيب: بأنهم وإن خلقوا منها .. لكنهم تغيروا عن تلك الكيفية، فصاروا لحمًا ودمًا، هكذا قيل اهـ خطيب. وأيضًا قويها قد يأكل ضعيفها، فيكون الضعيف حطبًا للقوي.
والمعنى (١): أي وأنا منا المؤمنون الذين أطاعوا الله وأخبتوا إليه وعملوا صالح الأعمال، ومنا الجائرون عن النهج القويم، وهو الإيمان بالله وطاعته، ومن آمن بالله وأطاعه فقد سلك الطريق الموصل إلى السعادة، وقصد ما ينجيه من العذاب. ثم ذمّ الكافرين منهم فقالوا:{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ}؛ أي: وأمّا الجائرون عن سنن الإِسلام، فكانوا حطبًا لجهنم توقد بهم كما توقد بكفرة الإنس، وقد ذكر ثواب المؤمنين منهم بقوله:{فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}. وإلى هنا انتهى كلام الجن.
١٦ - ثم عاد إلى ذكر الموحى به إلى رسوله فقال:{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} هذا