للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ...} الآية، روى البخاري، وأبو داود، والترمذي وغيرهم عن معقل ابن يسار أنه زوج أخته رجلًا من المسلمين، فكانت عنده، ثم طلقها تطليقة، ولم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته، فخطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدًا، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه، فأنزل الله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ} إلى قوله: {وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة، ثم دعاه وقال: أزوجك وأكرمك، وأخرجه ابن مردويه من طرق كثيرة.

التفسير وأوجه القراءة

٢٣١ - {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} طلاقًا رجعيًّا {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}؛ أي: قاربن انقضاء عدتهن وشارفن منتهاها، ولم تنقض؛ لأنه لو انقضت .. لم يكن للزوج إمساكها؛ لأنها ليست بزوجة، فلا سبيل له عليها، والأجل: هو الذي (١) ضربه الله للمعتدات من الأقراء والأشهر ووضع الحمل، وأضاف الأجل إليهن؛ لأنه أمس بهن، ولذا قيل: الطلاق للرجال، والعدة للنساء. {فَأَمْسِكُوهُنَّ}؛ أي: راجعوهن قبل انقضاء العدة {بِمَعْرُوفٍ} في الشرع؛ أي: بالقول وبالإشهاد على الرجعة، لا بالوطء كما يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله، أو بحسن الصحبة والمعاشرة {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ}؛ أي: خلوهن واتركوهن بلا رجعة حتى تنقضي عدتها، وتبين فيملكن أنفسهن {بِمَعْرُوفٍ}؛ أي: بأداء حقوقهن بلا تخاصم ولا تقابح ولا تشاتم {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ}؛ أي: لا تراجعوهن {ضِرَارًا}؛ أي: لأجل إضرارها بسوء العشرة، وتضييق النفقة وتطويل العدة، وأنتم لا حاجة لكم إليهن، أو حالة كونكم مضارين لهن بذلك، وهذا النهي (٢) كالتوكيد لقوله أولًا: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} نهاهم عن أن يكون الإمساك ضرارًا، وحكمة هذا النهي: أن الأمر في قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} يحصل لإمساكها مرة بمعروف هذا مدلول الأمر، ولا يتناول سائر الأوقات، وجاء بالنهي ليتناول سائر الأوقات ويعمها، ولينبه على ما كانوا يفعلونه من


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.