للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويقال: رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنًا طويلًا.

والمعنى (١): أي أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيانا بالجنة وجزيل نعيمها، مما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، فآمن بما وعدناه وأطاعنا، فاستحق أن ننجز له وعدنا، فهو لاقيه حتمًا وصائر إليه، كمن متعناه الحياة الدنيا، ونسي العمل بما وعدنا به أهل الطاعة، وآثر لذة عاجلة على لذة آجلة لا تنفد، ثم هو يوم القيامة إذا ورد على الله كان من المحضرين لعذابه وأليم عقابه؟

وهذه الآية تبين حال كل كافر متمتع في الدنيا بالعافية والغنى، وله في الآخرة النار، وحال كل مؤمن صبر على بلاء الدنيا ثقة بوعد الله، وله في الآخرة الجنة، وخلاصة ذلك: أفمن سمع كتاب الله فصدق به، وآمن بما وعده الله فيه، كمن متعناه متاع الحياة الدنيا، وقد كفر بالله وآياته، ثم هو يوم القيامة من المحضرين لعذابه، الجواب الذي لا ثاني له أنهما لا يستويان في نظر العقل الراجح.

وتلخيص المعنى: أنهم لما قالوا: تركنا الدين للدنيا .. قيل لهم: لو لم يحصل عقب دنياكم مضرة العقاب لكان العقل يقضي بترجيح منافع الآخرة على منافع الدنيا، فكيف وبعد هذه اللذة فيها يحصل العقاب الدائم، وجاء الكلام بأسلوب الاستفهام ليكون أبلغ في الاعتراف بالترجيح.

٦٢ - قوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} إما معطوف على يوم القيامة، أو منصوب باذكر المقدر، والمراد به يوم القيامة، والضمير للكفار؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قصة يوم ينادي الكفار ربهم، وهو عليهم غضبان {فَيَقُولُ} تفسير للنداء؛ أي (٢): فيقول الله سبحانه لهم توبيخًا وتقريعًا: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} أنهم ينصرونكم ويشفعون لكم، ومفعولا {تَزْعُمُونَ} محذوفان؛ أي: تزعمونهم شركائي، لدلالة الكلام عليهما؛ أي: أين الذين عبدتموهم من دوني، وأثبتم لهم شركة معي في استحقاق العبادة، وتزعمون في الدنيا أنهم يشفعون لكم في


(١) المراغي.
(٢) المراح.