للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي (١): يبشرهم ربهم في كتابه على لسان رسوله وعلى لسان ملائكته حين الموت برحمةٍ منه ورضوان كامل من لدنه، لا يشوبه سخط، وجنات تجري من تحتها الأنهار، ولهم فيها نعيم مقيم لا يزول على عظمه وكماله حال، كونهم

٢٢ - {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أي: ماكثين في تلك الجنات مكثًا مؤبَّدًا، لا نهاية له، لا يموتون ولا يخرجون منها، والتنوين في الرحمة والرضوان والجنات للتعظيم والنعيم (٢) المقيم الدائم المستمرَّ، الذي لا يفارق صاحبه، وذكر الأبد بعد الخلود، تأكيدٌ له، وجملة قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} مؤكدة لما قبلها مع تضمنها للتعليل؛ أي: أعطاهم الله تعالى هذه الأجور العظيمة، لكون الأجر الذي عنده عظيمًا، يهب منه ما يشاء لمن يشاء، وهو ذو الفضل العظيم.

ولمَّا وصف (٣) الله سبحانه وتعالى المؤمنين بثلاث صفات: الإيمان والهجرة والجهاد بالنفس والمال .. قابلهم على ذلك التبشير بثلاث، وبدأ بالرحمة التي هي النجاة من النيران في مقابلة الإيمان, وثنى بالرضوان الذي هو نهاية الإحسان في مقابلة ترك الأوطان، ثم ثلث بالجنات التي هي المنافع العظيمة في مقابلة الجهاد الذي فيه بذل الأنفس والأموال، وإنما خصوا بالأجر العظيم؛ لأنَّ إيمانهم أعظم الإيمان.

وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف وحميد بن هلال (٤): {يَبشُرهم} بفتح الياء وضم الشين خفيفةً. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: {ورُضوان} بضم الراء، وتقدم ذكر ذلك في أوائل آل عمران، وقرأ الأعمش: بضم الراء والضاد معًا. قال أبو حاتم: لا يجوز هذا. انتهى، وينبغي أن يجوز فقد قالت العرب: سلطان، بضم اللام، وأورده الصرفيون في أبنية الأسماء {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}؛ أي: إن ما عند الله من الأجر على الإيمان, وصالح العمل الذي من أشقه الهجرة والجهاد، عظيم لا يقدر قدره إلا الله الذي تفضل به ومنحه لعباده


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.
(٤) البحر المحيط.