للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المخالفة إلى طريق الموافقة، وصدق موعود الله فيه، واتبع السنة {ثُمَّ اهْتَدَى}؛ أي: أقام على ذلك لا يطلب سواه مسلكًا وطريقًا.

٨٣ - ولما نهض (١) موسى - عليه السلام - ببني إسرائيل، إلى جانب الطور الأيمن، حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بما فيه شرف العاجل والآجل .. رأى على وجه الاجتهاد أن يقدم وحده، مبادرًا إلى أمر الله، وحرصًا على القرب منه، وشوقًا إلى مناجاته، واستخلف هارون على بني إسرائيل، وقال لهم موسى: تسيرون إلى جانب الطور، فلما انتهى موسى - عليه السلام - وناجى ربه .. زاده في الأجل عشرًا، وحينئذ وقفه على استعجاله دون القوم ليخبره موسى أنهم على الأثر، فيقع الإعلام له بما صنعوا، فقال: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (٨٣)}؛ أي (٢): وقلنا له: أي شيء حملك على العجلة، وأوجب سبقك منفردًا عن قومك؟ وهم النقباء السبعون المختارون للخروج معه إلى الطور، وذلك أنه سبقهم شوقًا إلى ميعاد الله، وأمرهم أن يتبعوه، قال في "العرائس": ضاق صدر موسى من معاشرة الخلق، وتذكر أيام وقال الحق، فعلَّة العجلة: الشوق إلى لقاء الله تعالى، و {مَا} للاستفهام الإنكاري مبتدأ، وجملة {أَعْجَلَكَ} خبره.

وهو (٣) سؤال عن سبب العجلة، يتضمن إنكارها، من حيث إنها نقيصة في نفسها، انضم إليها إغفال القوم، وإيهام التعظيم عليهم، فلذلك أجاب موسى عن الأمرين، وقدم جواب الإنكار لأنه أهم؛ أي: وما حملك على العجلة عن قومك

٨٤ - {قَالَ} موسى {هُمْ}؛ أي: قومي {أُولَاءِ}؛ أي: قريبون منى يأتون {عَلَى أَثَرِي}؛ أي: من بعدي يلحقون بي، وليس بيني وبينهم إلا مسافة يسيرة، لا يعتد بها، يتقدم بها بعض الرفقة على بعض، ثم أعقبه بجواب السؤال فقال: {وَعَجِلْتُ}؛ أي: وسارعت {إِلَيْكَ}؛ أي: إلى الموعد الذي واعدت بسبقي إياهم {رَبِّ لِتَرْضَى} عني؛ أي: لتزداد رضًا عني، فإن المسارعة إلى امتثال أمرك، والوفاء


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.