في طلب العلم، حتّى نبرئك منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بي ما تقولون، ولكن الله بعثني إليكم رسولًا، وأنزل عليّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم مبشرا، ونذيرا» قالوا: فإن كنت غير قابل منّا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنّه ليس أحد من الناس أضيق بلادًا منّا، ولا أقلّ مالا، ولا أشدّ عيشا منا، فلتسأل لنا ربك الذي بعثك، فليسير عنّا هذه الجبال التي ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا، فإن لم تفعل .. فسل ربّك ملكا يصدّقك بما تقول وأن يجعل لنا جنانًا وكنوزًا وقصورًا من ذهب وفضة، نعينك بها على ما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش، فإن لم تفعل فأسقط السماء كما زعمت أنّ ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم، وقام معه عبد الله ابن أبي أمية، فقال: يا محمد، عرض عليك قومك ما عرضوا، فلم تقبله منهم، ثمّ سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله، فلم تفعل ذلك، ثمّ سألوك أن تعجّل ما تخوفهم به من العذاب، فو الله لا أؤمن بك أبدًا حتى تتخذ إلى السماء سلما، ثمّ ترقى فيه، وأنا أنظر، وحتى تأتي معك بنسخة منشورة، ومعك أربعة من الملائكة، فيشهدوا لك أنّك كما تقول: فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزينا، فأنزل الله عليه ما قاله عبد الله ابن أبي أمية {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} إلى قوله: {بَشَرًا رَسُولًا}.
التفسير وأوجه القراءة
٧٠ - {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ}؛ أي: وعزتي، وجلالي، لقد شرفنا بني آدم قاطبة، وكرمناهم في أنفسهم تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم، بالصورة (١) والقامة المعتدلة، والتسلط على ما في الأرض، والتمتع به، والتمكن من الصناعات، والعلم والنطق، وتناول الطعام باليد، وغير ذلك. قال ابن عباس: هو أنهم يأكلون بالأيدي، وغير الآدمي يأكل بفيه من الأرض، وقال أيضًا: بالعقل،