للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا: (١) إيماء إلى وجوه من الفائدة:

١ - أنه - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ من الاحتفال في الدعوة إلى التوحيد وإظهار المعجزات، وإقامة الحجج والبينات مبلغًا شارفوا به أن يتركوا دينهم لولا فرط عنادهم وتناهي عتوهم ولجاجهم.

٢ - الدلالة على تناقضهم واضطرابهم، فإن في استفهامهم السابق ما يدل على التحقير له، وفي آخر كلامهم ما يدل على قوة حجته ورجاحة عقله، فذكره تحميق لهم، وتجهيل لاستهزائهم بما استعظموه.

وبعد أن حكى مقالتهم سفّه آراءهم من وجوه ثلاثة:

١ - {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} البتة وإن تراخى {حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} الذي يستوجبه كفرهم، ومن العذاب عذاب بدر أيضًا؛ أي: سوف يعلمون حين يرون العذاب في الآخرة عيانًا {مَنْ} هو {أَضَلُّ سَبِيلًا}؛ أي: من هو أبعد طريقًا عن الحق والهدى، أهم أم المؤمنون؟ نسبوه - صلى الله عليه وسلم - إلى الضلال في ضمن الإضلال، فإن أحدًا لا يضل غيره إلا إذا كان ضالًا في نفسه، واعلم أنه لا يهملهم وإن أمهلهم. ووصف السبيل بالضلال مجازًا. والمراد سالكوها، و {مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} جملة استفهامية معلقة لـ {يَعْلَمُونَ}، فهي سادة مسد مفعوليه.

أي (٢): إنهم حين يشاهدون العذاب الذي استوجبوه بكفرهم وعنادهم يعلمون من الضال ومن المضل؛ وفي هذا رد لقولهم: {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا} كما أن فيه وعيدًا شديدًا على التعامي والإعراض عن الاستدلال والنظر.

٤٣ - ثم بين لهم سبحانه أنه لا تمسك لهم فيما ذهبوا إليه سوى التقليد واتباع الهوى، فقال معجبًا لرسوله - صلى الله عليه وسلم -:

٢ - {أَرَأَيْتَ} يا محمد، أو أيها المخاطب. كلمة {أَرَأَيْتَ} تستعمل تارة للإعلام، وتارة للسؤال، وهاهنا للتعجب من جل من هذا وصفه {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ


(١) المراغي.
(٢) المراغي.