عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعند ذلك تطاير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله" وقال الترمذي: لا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
١٩ - ولما ذكر سبحانه العرض ذكر ما يكون فيه، فقال:{فَأَمَّا} تفصيل لأحكام العرض {مَنْ} موصولة {أُوتِيَ كِتَابَهُ}؛ أي: أعطي مكتوبه الذي كتبت الحفظة فيه تفاصيل أعماله. {بِيَمِينِهِ} تعظيمًا له؛ لأنّ اليمين يتيمن بها أخذًا وعطاء. والباء بمعنى في أو للإلصاق، وهو الأوجه، والمراد بهم الأبرار، فإن المقربين لا كتاب لهم، ولا حساب لهم لمكانتهم من الله سبحانه وتعالى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس، قيل له: فأين أبو بكر؟ فقال: هيهات زفته الملائكة إلى الجنة". يقول الفقير: لعل هذا مكافأة له حين أخذ سيفه بيده، وخرج من دار الأرقم وهو يظهر الإِسلام على ملاء من قريش، فبسيفه ظهر الإِسلام رضي الله عنه. دل الحديث على أن رتبة أبي بكر فوق رتبة غيره؛ لأن الصديقية تلي النبوة كما في حديث:"أثبت أحد فإنما عليك نبيّ وصديق وشهيدان" وكان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فتحرك الجبل، فقال له ذلك.
{فَيَقُولُ} فرحًا وسرورًا، فإنه لما أوتي كتابه بيمينه .. علم أنه من الناجين من النار، ومن الفائزين بالجنة، فأحب أن يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا بما ناله. {هَاؤُمُ}؛ أي: خذوا يا أهل بيتي وقرابتي وأصحابي كتابي، وتناولوه و {اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} و"هاء" اسم فعل أمر بمعنى خذ، يقال: هاء يا رجل بفتح الهمزة وهاء يا امرأة بكسرها، هاؤما يا رجلان أو امرأتان، وهاؤم يا رجال وهاؤنّ يا نسوة بمعنى: خذ خذا خذوا خذي خذا خذن. وقد يكون فعلًا صريحًا لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها، وفيه ثلاث لغات كما هو معروف في علم الإعراب. ومفعوله هنا محذوف دل عليه مفعول {اقْرَءُوا} و {كتابي} مفعول {اقْرَءُوا}؛ لأنّه أقرب العاملين،