للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خَلْفِهِ}؛ أي: ومن ورائه وسائر جوانبه {رَصَدًا}؛ أي: حرسًا وحفظةً من الملائكة، يحفظونه من تعرض الشيطان لما أظهره عليه من الغيب المتعلق برسالته. أو يجعل بين يدي الوحي وخلفه حرسًا من الملائكة، يحوطونه من أن تسترقه الشياطين فتلقيه إلى الكهنة، والمراد من جميع الجوانب. يعني: أنَّ جبريل كان إذا نزل بالرسالة .. نزل معه ملائكة يحفظونه من أن يسمع الجن الوحي، فيلقونه إلى كهنتهم، فتخبر به الكهنة قبل الرسول، فيختلط على الناس أمر الرسالة.

والجملة (١): تقرير وتحقيق للإظهار المستفاد من الاستثناء، وبيان لكيفيته. قال الضحاك: ما بعث الله نبيًّا إلا ومعه ملائكة يحفظونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك، فإذا جاءه شيطان في صورة الملك قالوا: هذا شيطان فاحذره، وإن جاءه الملك قالوا: هذا رسول ربك. قال ابن زيد: {رَصَدًا}؛ أي: حفظة يحفظون النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمامه وورائه من الجنّ والشياطين. قال قتادة وسعيد بن المسيّب: هم أربعة من الملائكة حفظة. والرصد كالحرس وزنًا ومعنًى، فهو جمع راصد بمعنى حارس حافظ، والمراد بهم هنا الملائكة الحفظة؛ أي: فإنه يجعل بين يدي من ارتضى من رسله ومن خلفهم حفظة من الملائكة، يحفظونهم من وساوس شياطين الجن وتخاليطهم حتى يبلغوا ما أوحي به إليهم، ومن زحمة شياطين الإنس حتى لا يؤذونهم ولا يضرّونهم.

والخلاصة: أنه يجعل حفظة من الملائكة يحفظون قواه الظاهرة والباطنة من الشياطين، ويعصمونه من وساوسهم.

٢٨ - ثم علل هذا الحفظ بقوله: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} واللام (٢) متعلقة بـ {يَسْلكٌ}، وضمير {أَبْلَغُوا} إما للرصد فالمعنى: أنّه يسلك الرصد ويجعلهم من جميع جوانب المرتضى ليعلم الله سبحانه أنَّ الشأن قد أبلغ الرصد والملائكة رسالات ربهم إلى الرسول المرتضى سالمة عن الاختطاف والتخليط علمًا حاصلًا بالفعل، وإما لمن ارتضى والمعنى: ليعلم الله أن الشأن قد أبلغ الرسل الموحى إليهم رسالات ربهم إلى أممهم، كما هي من غير اختطاف ولا تخليط بعدما أبلغها الرصد إليهم كذلك. أو اللام (٣) متعلقة بمحذوف تقديره: إنه سبحانه يحفظ رسله


(١) روح البيان.
(٢) المرح.
(٣) المراغي.