للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كأنّ قائلًا قال: ما لقي الآثام؟ فقيل: يضاعف للإثم العذاب. أو على الحال، والجزم على البدل من {يلق}، وقرأ ابن كثير وحفص: {فيهي مهانا} بإشباع كسرة الياء، ووصلها بالياء في الوصل.

والمعنى (١): ومن يفعل خصلة من خصال الفجور السالفة يلق في الآخرة جزاء إثمه وذنبه الذي ارتكبه، بل يضاعف له ربه العذاب يوم القيامة، ويجعله خالدًا أبدًا في النار مع المهانة والاحتقار، فيجتمع له العذاب الجسمي والعذاب الروحي.

٧٠ - وبعد أن أتم تهديد الفجار على هذه الأوزار أتبعه بترغيب الأبرار في التوبة والرجوع إلى حظيرة المتقين، فيفوزون بجنات النعيم، فقال: {إِلَّا مَنْ تَابَ} من الشرك والقتل والزنا {وَآمَنَ}؛ أي: صدّق بوحدانية الله تعالى، ورسالة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} ذكر (٢) الموصوف هنا مع جريان الصالح والصالحات مجرى الاسم للاعتناء به، وللتنصيص على مغايرته للأعمال السابقة. والاستثناء من الجنس؛ لأن المقصود الإخبار بأن من فعل ذلك فإنه يحل به ما ذكر إلّا أن يتوب، وأما إصابة أصل العذاب وعدمها فلا تعرض لها في الأية. {فَأُولَئِكَ} الموصوفون بالتوبة والإيمان والعمل الصالح {يُبَدِّلُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {سَيِّئَاتِهِمْ} الثلاثة المذكورة في الدنيا {حَسَنَاتٍ}؛ أي: يبدلهم الإيمان عن الشرك، وقتل الكافرين عن قتل المؤمنين، والعفة والإحصان عن الزنا، أو (٣) يوفّقهم للمحاسن بعد القبائح، أو يمحوها بالتوبة، ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة، ولم يرد به أن السيئة بعينها تكون حسنة، ولكن المراد ما ذكرنا.

قال الزجاج: ليس المراد أن السيئة بعينها تصير حسنة، ولكن المراد أن السيئة تمحى بالتوبة، وتكتب الحسنة مع التوبة. انتهى. وعبارة "أبي السعود":


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) النسفي.