ومبلغهم إلى كمالهم اللائق بأن يدخلهم الجنة، وعند متعلّق بما تعلّق به لهم من معنى الثبوت. أخبر سبحانه أن هؤلاء إذا آمنوا وعملوا الصالحات لم يؤاخذوا بقديم أعمالهم، ولا بفعل آبائهم، ولا ينقصون من أجور أعمالهم، وقوله:{وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الآخرة حين يخاف الكفار العقاب، والجملة معطوفة على جملة قوله:{فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} وقرأ الجمهور {ولا خوف} بالرفع والتنوين. وقرأ الحسن {ولا خوف} من غير تنوين {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} حين يحزن المقصّرون على تضييع العمر وتفويت الثواب، ولا يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا وعيشها عند معاينتهم النعيم المقيم، والمراد بيان دوام انتفاء الخوف والحزن عنهم. وخلاصة الكلام: من أخلص إيمانه وأصلح عمله دخل الجنة.
٦٣ - قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ} تذكير (١) لجناية أخرى لأسلاف بني إسرائيل؛ أي: واذكروا يا بني إسرائيل! وقت أخذنا لعهد آبائكم على العمل بما في التوراة، وذلك قبل التيه حين خرجوا مع موسى من مصر ونجوا من الغرق؛ أي: واذكروا قصة حين أخذنا وطلبنا من آبائكم العهد المؤكد باليمين على قبول التوراة، والعمل بما فيه، واتباع موسى، وأبيتم من إقراره وقبوله {وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} كأنه ظلّة حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق. والطور: جبل معروف بفلسطين، والطور معناه: الجبل بالسريانية، وذلك أنّ موسى عليه السلام جاءهم بالألواح، فرأوا ما فيها من الآصار والتكاليف الشاقّة، فكبرت عليهم، وأبوا قبولها، فأمر جبريل فقلع الطور من أصله، ورفعه، وظلّله فوقهم، وقال لهم موسى: إن قبلتم وإلا ألقى عليكم، فلما رأوا أن لا مهرب لهم منها قبلوا، وسجدوا، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود؛ لئلا ينزل عليهم، فصارت عادة في اليهود لا يسجدون إلا على أنصاف وجوههم، ويقولون بهذا السجود رفع عنا العذاب، ثم رفع الجبل ليقبلوا التوراة لم يكن جبرا على الإسلام؛ لأن الجبر ما يسلب الاختيار وهو جائز، كالمحاربة مع الكفار ليدخلوا في الإسلام، وأما قوله تعالى:{لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} وأمثاله فمنسوخ بالقتال. قال ابن عطية: والذي لا يصحّ