للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا تتفرقوا، وأسألوا ولا تساموا، وانتظروا ولا تيأسوا، وتواخوا ولا تعادوا، وأجتمعوا على الطاعة ولا تفرقوا، وتطهروا من الذنوب ولا تلطخوا، وليكن أحدكم بواب قلبه، فلا يدخل فيه إلا ما أمره الله به، وليحذر أحدكم ولا يركن؛ وليخف ولا يأمن، وليفتش ولا يغفل.

١٧ - {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}؛ أي: يعدون إسلامهم منة عليك، حيث قالوا: جئناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، والمنة: هي النعمة التي لا يطلب موليها ثوابًا ممن أنعم عليه بها من المنّ بمعنى القطع؛ لأنَّ المقصود به: قطع حاجته مع قطع النظر أن يعوضه المحتاج بشيء؛ أي: يعدون إسلامهم، ومتابعتهم لك، ونصرتهم إياك منة يطلبون منك أجرها، فقد قالوا جئناك بالأثقال .. إلخ.

ثم أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بما يقوله لهم عند المنّ عليه بما يدَّعونه من الإِسلام، فقال: {قُلْ} لهم يا محمد: {لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ}؛ أي: لا تعدوا إسلامكم منّة عليّ، أو لا تمنّوا على بإسلامكم، فنصبه بنزع الخافض، فإنّ الإِسلام هو المنّة التي لا يطلب موليها ثوابًا ممن أنعم بها عليه، ولهذا قال: {بَلِ اللَّهُ} سبحانه هو الذي {يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}؛ أي: أرشدكم إليه، وأراكم بتوفيقه على ما زعمتم من أنكم أرشدتم إليه، وجملة {أَنْ هَدَاكُمْ}: في تأويل مصدر منصوب على المفعولية؛ أي: يمن عليكم هدايته إياكم، أو منصوب بنزع الخافض؛ أي: بهدايته إياكم.

وقرأ الجمهور: {أَنْ هَدَاكُمْ} بفتح {أَن}، وقرأ عاصم: بكسرها، وقرأ عبد الله وزيد بن عليّ: {إذ هداكم} جعلا إذ مكان {أَنْ} وكلاهما تعليل. انتهى من "البحر المحيط".

{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في ادعاء الإيمان، وجوابه: محذوف، دلّ عليه ما قبله؛ أي: إن كنتم صادقين في دعواكم .. فلله المنّة عليكم، وفي هذا ايماء إلى أنهم كاذبون في ادّعائهم الإيمان، وفي سياق النظم الكريم من اللطف ما لا يخفى؛ فإنهم لما سمّوا ما صدر عنهم إيمانًا، ومنّوا به نفي كونه إيمانًا، وسمّاه