للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فريقًا؛ لأنها تفرق بين الناس، وقيل في الكلام تقديم وتأخير والتقدير: لتأكلوا أموال فريق من الناس {بِالْإِثْمِ}؛ أي: بالظلم والعدوان، وقال ابن عباس - رضي الله عنهم - باليمين الكاذبة، وقيل: بشهادة الزور {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}؛ أي: حال كونكم عالمين أن ذلك باطل ليس من الحق في شيء فالإقدام على القبيح مع العلم بقبحه أقبح، وصاحبه بالتوبيخ أحق.

وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع جلبة خصم بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال: "إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضهم ألحن بحجته من بعض، فأحسب أنه صادق، فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها" متفق عليه.

ويستفاد من الآية: أن أكل أموال الناس بالوجه الباطل حرام، فأكله (١) بالباطل على وجوه:

الأول: أن يأكله بطريق التعدي والنهب والغصب.

الثاني: أن يأكله بطريق اللهو كالقمار وأجرة المغني، وثمن الخمر والملاهي ونحو ذلك.

الثالث: أن يأكله بطريق الرشوة في الحكم، وشهادة الزور.

الرابع: الخيانة، وذلك في الوديعة والأمانة ونحو ذلك، وإنما عبر عن أخذ المال بالأكل؛ لأنه المقصود الأعظم، ولهذا وقع في التعارف: فلان يأكل أموال الناس؛ بمعنى: يأخذها بغير حلها.

١٨٩ - ولما سأل معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الأنصاريان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا: يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو دقيقًا، ثم يزيد حتى يمتليء نورًا، ثم لا يزال ينقص حتى يعود دقيقًا كما بدأ، ولا يكون على حالة واحدة كالشمس؟ نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ}؛ أي: يسألك الناس يا محمد {عَنِ} حكمة اختلاف {الْأَهِلَّةِ} بالزيادة والنقصان لماذا؟ وقرأ (٢) الجمهور {عَنِ الْأَهِلَّةِ} بكسر النون


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.