الكريم، فهو على هذا المعنى الأخير، دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية، والتجارات البشرية، وخبر {إن} قوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ}؛ أي: إن الكاملين في الخسران، هم هؤلاء الذين جمعوا بين خسران الأنفس والأهلين {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} والظرف إما متعلق بـ {خَسِرُوا} فيكون القول في الدنيا، أو متعلق بـ {قَالَ}؛ أي: يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحالة، وعبر بالماضي، إشعارًا بتحققه، كما مر آنفًا، أما خسرانهم لأنفسهم فلكونهم صاروا في النار معذبين بها، وأما خسرانهم لأهليهم، فلأنهم إن كانوا معهم في النار. فلا ينتفعون بهم، وإن كانوا في الجنة، فقد حيل بينهم وبينهم، وقيل: خسران الأهل، أنهم لو آمنوا، لكان لهم في الجنة أهل من الحور العين.
وفي "التأويلات النجمية": إن الخاسرين هم الذين خسروا أنفسهم، بإبطال استعدادهم، إذ صرفوه في طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها، وخسروا أهليهم، إذ لم يقوا أنفسهم وأهليهم نارًا، بقبول الإيمان, وأداء الشرائع {أَلَا} حرف تنبيه {إِنَّ الظَّالِمِينَ}؛ أي: المشركين الذين كانوا في جهنم، شهوات النفس جثيًا في الدنيا {فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ} في الآخرة؛ أي: دائم لا ينقطع إلى الأبد، وهذا إما من تمام كلام المؤمنين، أو من كلام الله سبحانه تصديقًا لهم.
والمعنى: أي ويقول المؤمنون يوم القيامة: إن المغبونين غبنًا لا غبن بعده، هم الذين خسروا أنفسهم، فأدخلوا في النار، وحرموا نعيم الأبد، وفرق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم وذوي قراباتهم.
٤٦ - ثم صدقهم ربهم فيما قالوا، فقال: ألا إن الكافرين لفي عذاب سرمدي، لا مهرب لهم منه ولا خلاص، ثم أيأسهم من الفكاك منه بأي سبيل، فقال:{وَمَا كَانَ لَهُمْ}؛ أي: للظالمين {مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ} بدفع العذاب عنهم {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى، حسبما كانوا يرجون ذلك في الدنيا؛ أي: لا يجدون لهم أعوانًا وأنصارًا ينقذونهم، مما حل بهم من العذاب، فأصنامهم التي كانوا يعبدونها لتشفع لهم، لا تستطيع أن تتقدم إليهم بشفاعة {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ}؛ أي: يرد الله إضلاله بان يشغله بغيره {فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ} يؤدي سلوكه إلى النجاة؛ أي: