للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كُلِّ شَيْءٍ} من الإماتة والإحياء {قَدِيرٌ} قرأ الجمهور (١): {تَبَيَّنَ} مبنيًّا للفاعل، وقرأ ابن عباس شذوذًا {تُبِيِّن له} مبنيًّا للمفعول، وقرأ ابْنُ السُّميفع شذوذًا أْيضًا {بُيِّن له} مبنيًّا للمفعول بغير تاء. وقرأ الجمهور {أَعْلَمُ} مضارعًا، فيه ضمير المار. وقال ذلك على سبيل الاعتبار، وقرأ حمزة والكسائي (٢): {اعلم} من: عَلِم الثلاثي أمرًا من الله، أو من المَلَك عن الله، أو منه لنفسه؛ نزَّلها منزلة الأجنبي المخاطب، وقرىء شذوذًا {أْعْلِمْ} أمرًا من: أعلَمَ الرباعي؛ أي: قال الله له: أعلِمْ غيرك بما شاهدته من قدرة الله تعالى.

٢٦٠ - {و} اذكر يا محمَّد قصة {إذ قال إبراهيم} الخليل عليه السلام؛ أي: طلب إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، وقال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} سأله عن إراءَة كيفية الإحياء مع إيمانه الجازم بالقدرة الربانية، فكان يريد أن يعلم بالعيان ما كان يوقن به بالوجدان.

قال الحسن (٣) والضحاك وقتادة وعطاء وابن جريج: سبب سؤاله: أنه رأى جيفة مطروحة في شط البحر، وقد توزعها دواب البحر والبر، فإذا مدَّ البحر .. أكل منها دواب البحر، وإذا جزر البحر .. جاءت السباع فأكلت، وإذا ذهبت السباع .. جاءت الطيور، فأكلت وطارت، فلما رأى إبراهيم ذلك تعجب منها، وقال: يا رب، إني قد علمت أنك لتجمعها من بطون السباع وحواصل الطيور وأجواف الدواب، فأرني كيف تحييها؛ لأعاين ذلك، فأزداد يقينًا، فعاتبه الله تعالى على ذلك حيث {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ}؛ أي: أتسالني عن ذلك، لم توقن وتصدق بقدرتي على الإحياء. {قَالَ} إبراهيم {بَلَى} يا رب آمنت وصدقت أنك {قادر} على الإحياء، وليس سؤالي لعدم إيماني بذلك {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}؛ أي: ولكن سألتك عن ذلك؛ ليوقن قلبي ويزداد طمأنينةً وبصيرةً بمُضامَّةِ العِيان إلى الوحي والاستدلال، أو سألتك لتسكن حرارة قلبي، وأعلم بأني خليلك مجاب الدعوة والمطلوب من السؤال أن يصير العلم بالاستدلال ضروريًّا.


(١) البحر المحيط.
(٢) النهر.
(٣) مراح وخازن.