فقد هلك، فعلى العاقل أن يتفكر في النشور، ويتذكر عاقبة الأمور.
٤١ - {وَإِذَا رَأَوْكَ}؛ أي: وإذا أبصرك يا محمد هؤلاء المشركون الذين قصصت عليك قصصهم يعني: قريشًا كأبي جهل وأصحابه {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ}{إِنْ}: نافية؛ أي: ما يتخذونك {إِلَّا هُزُوًا}؛ أي: إلا موضع هزْءٍ وسخرية؛ أي: إلا مهزوءًا بك؛ أي: يستهزئون بك قائلين بطريق الاستحقار والتهكم: {أَهَذَا} الإنسان هو {الذي بعثـ} ـه {اللَّهُ} إلينا حالة كونه {رَسُولًا}، ليثبت الحجة علينا يعني (١): أنهم لم يقتصروا على ترك الإيمان, وإيراد الشبهات الباطلة، بل زادوا عليه الاستخفاف والاستهزاء إذا رأوه؛ وهو قول أبي جهل لأبي سفيان، وهذا نبي بني عبد مناف. والاستفهام فيه للتعجب المضمن للإنكار والتهكم.
وفي "التأويلات النجمية": يشير إلى أن أهل الحس لا يرون النبوة والرسالة بالحسّ الظاهر؛ لأنها تدرك بنظر البصيرة المؤيدة بنور الله عز وجل، وهم عميان بهذا البصر، فلما سمعوا منه ما لم يهتدوا به من كلام النبوة والرسالة ما اتخذوه إلا هزوًا، وقالوا مستهزئين: أهذا الذي بعث الله رسولًا وهو بشر مثلنا محتاج إلى الطعام والشراب.
٤٢ - {إِنْ كَادَ}{إِنْ} مخففة من الثقيلة، وضمير الشأن محذوف؛ أي: إنه كاد، واللام في {لَيُضِلُّنَا} هي الفارقة بين النافية والمخففة؛ أي: إنه كاد محمد وقارب أن يضلنا ويصرفنا {عَنْ آلِهَتِنَا}؛ أي: عن عبادتها صرفًا كليًا بحيث يبعدنا عنها؛ أي ليصرفنا عن عبادتها بفرط اجتهاده، والدعاء إلى التوحيد، وكثرة ما يورده مما يسبق إلى الذهن أنه حجج ومعجزات {لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا} وثبتنا {عَلَيْهَا}؛ أي: على آلهتنا، واستمسكنا بعبادتها، وحبسنا أنفسنا عليها، وجواب {لولا} معلوم مما قبله؛ أي: لولا صبرنا على عبادتها وثباتنا على ديننا كاد ليضلنا عن آلهتنا.