للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخلاصة: أنا لو أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وننزل عليهم الكتاب العظيم .. لقالوا: ربنا هلا أرسلت إلينا رسولًا قبل أن تُهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه، لكنا لم نهلكهم قبله، فانقطعت معذرتهم،

١٣٥ - {قُلْ} يا محمد لأولئك الكفرة المتمردين {كُلٌّ}؛ أي: كل واحد منا ومنكم {مُتَرَبِّصٌ} أي: منتظر لما يؤول إليه أمرنا وأمركم:

قال في "الكبير" كل (١) منا ومنكم منتظر عاقبة أمره، إما قبل الموت بسبب الجهاد وظهور الدولة والقوة، أو بعد الموت بالثواب والعقاب، وبما يظهر على المحق من أنواع كرامة الله، وعلى المبطل من أنواع إهانته، وروي: أن المشركين قالوا: نتربص بمحمد حوادث الدهر، فإذا مات .. تخلصنا {فَتَرَبَّصُوا}؛ أي: فانتظروا أنتم عاقبة أمرنا، ونحن نتربص عاقبة أمركم {فَسَتَعْلَمُونَ} أيها الكفرة عن قريب، إذا جاء أمر الله ونصره {مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ}؛ أي: جواب من أصحاب الصراط المستقيم، والأصحاب جمع صاحب: بمعنى الملازم، والصراط: من السبيل ما لا التواء فيه؛ أي: لا إعوجاج فيه، بل يكون على سبيل القصد {وَمَنِ اهْتَدَى}؛ أي: وجواب. اهتدى من الضلال؛ أي: أنحن أم أنتم، كما قال بعضهم:

سَوْفَ تَرَى إِذَا انْجَلَى الْغُبَارُ ... افَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارُ

وفيه تهديد شديد لهم.

واعلم: أن الله سبحانه قطع المعذرة بالإمهال والإرشاد ذلك الحجة البالغة، وقرأ الجمهور (٢): {السَّوِيِّ}: على وزن فعيل؛ أي: المستوي وقرأ أبو مجلز، وعمران بن حدير: {السواء}؛ أي: الوسط، وقرأ الجحدري، وابن يعمر {السوأى} على وزن فعلى، أنث لتأنيث {الصِّرَاطِ} وهو مما يذكر ويؤنث تأنيث الأسوء، وقرىء {السوي} بضم السين وفتح الواو وشد الياء: تصغير السوء، قاله الزمخشري، وليس بجيّد، إذ لو كان تصغير سوءٍ .. لثبتت همزته في


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.