العامة، أو الأغنياء بموافقة أهوائهم لاستفادة جاههم ومالهم، وهذا كله أيضًا مما ابتلي به علاء المسلمين الآن، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
{فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}؛ أي: قبح ذلك الثمن شيئًا يشترونه، والمخصوص بالذم ذلك الثمن فكل من لم يبين الذي علم للناس، وكتم شيئًا منه لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة، وتطييب قلوبهم، أو لجر نفعة، أو لحياء، أو لبخل للعلم، فهو داخل تحت هذا الوعيد. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من سئل علمًا يعلمه، فكتمه، ألجم بلجام من نار. أخرجه الترمذي، ولأبي داود "من سئل عن علم فكتمه، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة. وقال قتادة: طوبى لعالم ناطق، ومستمع واع، هذا علم علمًا فبذله، وهذا سمع خيرًا فقبله ووعاه.
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخَذَ على أهل العلم أن يُعلِّموا، وقال أبو هريرة: لولا ما أخذ الله تعالى على أهل الكتاب ما حدثتكم، وتلا هذه الآية. وعن الحسن أنه قال: لولا الميثاقُ الذي أخذَه الله تعالى على أهل العلم، ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه.
وقرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم، وأبو عمرو بالياء على الغيبة في الفعلين أعني {ليبيننه}{ولا يكتمونه} إسنادًا لأهل الكتاب إذ قبله الذين أوتوا الكتاب وبعده، فنبذوه. وقرأ باقى السبعة بالتاء للخطاب حكايةً لمخاطبتهم. وقرأ عبد الله {ليبنونه} بغير نون التوكيد، وقرأ ابن عباس {ميثاق النبيين لتبيننه للناس} فيعود الضمير في {فنبذوه} على الناس، إذ يستحيل عوده على النبيين، أي: فنبذه الناس المبين لهم الميثاق.
١٨٨ - {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}؛ أي: لا تظنن يا محمَّد أو أيها المخاطب اليهودَ الذين يسرون بما فعلوا من تحريف نصوص التوراة، وتفسيرها بتفسيرات باطلة {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا}، ويُوصفوا {بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}؛ أي: بقول الناس لهم علماء، وليسوا بأهل علم؛ أي: يحبون أن يصفهم الناس ويمدحوا لهم بما ليس فيهم من الصدق، والعفاف، والفضل، والدين؛ أي: لا تحسبنهم