للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المائدة أولها في هذه الأمة، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.

٤٥ - {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا}؛ أي: فرضنا علي بني إسرائيل في التوراة {أَنَّ النَّفْسَ} الجانية مقتولة {بِالنَّفْسِ} المجني عليها فمدخول الباء هو المجنيّ عليه في هذا وما عطف عليه {وَالْعَيْنَ} مفقوءة {بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ} مجدوعة {بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ} مقطوعة {بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ} مقلوعة {بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ} والمراد بها ما يشمل الأطراف {قِصَاصٌ}؛ أي: ذات قصاص إذا كانت بحيث تعرف المساواة؛ أي: يقتص فيها إذا أمكن فيها القصاص كالشفتين والأنثيين واليدين والقدمين واللسان والذكر ونحو ذلك. أمَّا ما لا يمكن فيه القصاص، كرض في لحم أو كسر في عظم، أو جراحة في بطن يخاف منها التلف .. ففيه أرش وحكومة. والحكومة (١): جزء من دية النفس نسبته إليها كنسبة ما نقص من قيمة المجني عليه بفرضه رقيقًا، فلو كانت قيمته بلا جناية عشرة وبها تسعة .. فالحكومة عشر الدية, وهذا الحكم وإن كتب عليهم فهو مقرر في شرعنا.

وفي هذه الآية توبيخ لليهود، وتقريع لكونهم يخالفون ما كتبه الله عليهم في التوراة كما حكاه هنا، ويفاضلون بين الأنفس كما سبق، وقد كانوا يقيدون بني النضير من بني قريظة، ولا يقيدون بني قريظة من بني النضير.

وظاهر النظم القرآني (٢): أن العين إذا فقئت حتى لم يبق فيها مجال للإدراك .. أنَّها تفقأ عين الجاني بها، والأنف إذا جدعت جميعها .. فإنّها تجدع أنف الجاني بها, والأذن إذا قطعت جميعها .. فإنها تقطع أذن الجاني بها، وكذلك السنن. فأمَّا إذا كانت الجناية ذهبت ببعض إدراك العين، أو ببعض الأنف، أو يبعض الأذن .. فليس في هذه الآية ما يدل على ثبوت القصاص، وقد اختلف في ذلك إذا كان معلوم القدر يمكن الوقوف على حقيقته، وكلامهم مدوّن في كتب الفروع.


(١) الجمل.
(٢) الشوكاني.