للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهذا اليوم قبل أن تأخذكم الساعة بغتة وأنتم لا تشعرون، فتندموا ولات ساعة مندم، وجدوا بالعمل قبل حلول الأجل.

وقد أشار في هذه الآيات إلى أصول الدين الثلاثة:

١ - وحدانية الله بقوله: {فَبِأَيِّ الَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)}.

٢ - إثيات نبوّة محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {هَذَا نَذِيرٌ}.

٣ - إثبات الحشر والبعث بقوله: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)}.

٥٩ - ثم أنكر على المشركين تعجبهم من القرآن، واستهزاءهم به، وإعراضهم عنه، فقال: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩)} والمراد بالحديث: القرآن؛ أي: كيف تعجبون منه أيها المشركون تكذيبًا

٦٠ - {وَتَضْحَكُونَ} منه استهزاء مع كونه غير محل للتكذيب. {وَلَا تَبْكُونَ} خوفًا وانزجارًا لما فيه من الوعيد الشديد.

والهمزة في قوله: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ} للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أتكذبون نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فتعجبون من هذا القرآن الذي أنزل عليه، وتضحكون من تلاوته عليكم، ولا تبكون خوفًا من الوعيد الذي اشتمل عليه، وحزنًا على ما فرطتم في شأنه، وخوفًا من أن يحيق بكم مثل ما حاق بالأمم المذكورة هنا.

وقرأ الحسن (١): {تُعجِبون} {تُضحِكون} بغير واو، وبضم التاء، وكسر الجيم والحاء.

٦١ - وجملة قوله: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١)} حال من فاعل {لا تبكون}؛ أي: ولا تبكون والحال أنكم سامدون؛ أي: لاهون (٢) عما في القرآن، أو مستكبرون من استماعه من سمد البعير في مسيره إذا رفع رأسه، أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود بمعنى الغناء على لغة حمير. وكانوا إذا سمعوا القرآن عارضوه بالغناء واللهو ليشغلوا الناس عن الاستماع. أو خاشعون جامدون من السمود بمعنى الجمود والخشوع. ومضمون هذه الجملة الحالية على الوجه الأخير قيد للنفي. والإنكار وارد على نفي البكاء والسمود معًا، وعلى الأوجه الأول قيد للنفي.


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.