للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكُلُّ ذِيْ غَيْبةِ يؤُوْبُ ... وَغَائِبُ الْموْتِ لاَ يَؤوْبُ

وقال الزمخشري: {من رَوْحِ اللَّهِ} - بالضم - أي: من رحمته التي تحيا بها العباد انتهى.

{إِنَّهُ}؛ أي: إن الشأن والحال {لَا يَيْأَسُ} ولا يقنط {مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} ورحمته {إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} بالله سبحانه وتعالى وبقدرته وسعة رحمته (١)، ويجهلون ما لله في عباده من حكم بالغة ولطف خفي، فإذا لم يصلوا إلى ما يبتغون من كشف ضر، أو جلب خير بخعوا أنفسهم - انتحروا - همًّا وحزنًا، أما المؤمن حقًّا فلا تقنطه المصائب ولا الشدائد من رحمة ربه وتفريجه لكربه، يعني: أن المؤمن يصبر عند البلاء، وينتظر الفرج والرحمة، فيسأل به خيرًا، ويحمد الله عند الرخاء، والكافر بضد ذلك. ومن ثم قال ابن عباس: إن المؤمن من الله تعالى على خير يرجوه في البلاء، ويحمده في الرخاء. وقرأ أبي شذوذًا: {من رحمة الله}.

٨٨ - وقوله: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ} فيه حذف واختصار (٢)، والتقدير: فخرجوا من عند أبيهم قاصدين مصر، فذهبوا كما أمرهم أبوهم ليتحسسوا من يوسف وأخيه {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ}؛ أي: على يوسف عليه السلام {قَالُوا} ليوسف {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ}؛ أي: أيا أيها الملك الممتنع القادر الغالب {مَسَّنَا}؛ أي: أصاب إيانا {وَأَهْلَنَا}؛ أي: وعيالنا وأولادنا وهم من خلفوهم {الضُّرُّ}؛ أي: الفقر والحاجة، والهزال والضعف؛ لما نحن فيه من المجاعة وكثرة العيال وقلة الطعام، وقد شكوا إليه رقة الحال وقلة المال وشدة الحاجة وغير ذلك مما يرقق القلب، مع أن مقصدهم التحسس من يوسف وأخيه؛ ليروا تأثير الشكوى فيه، فإن رق قلبه لهم ذكروا ما يريدون وإلا سكتوا، وقد كان أبوهم يرجح أنه هو يوسف، فأرادوا أن يروا تأثير هذا الاستعطاف فيه، وقالوا: {وَجِئْنَا} إليك


(١) المراغي.
(٢) الخازن.