كأنه قيل: كذّبت عاد فهل سمعتموهم، أو فاسمعوا كيف كان عذابي لهم، وإنذاري إيّاهم.
فإن قيل: لِمَ لَمْ يقل هنا: فكذبوا هودًا كما قال في قصة نوح: {فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا}؟
أجيب: بأن تكذيب قوم نوح أبلغ لطول مقامه فيهم وكثرة عنادهم. وإما لأن قصة عاد ذكرت مختصرة، اهـ خطيب.
والمعني: أي كذبت عاد نبيهم هودًا عليه السلام، فيما أتاهم به عن الله كما كذبت قوم نوح من قبلهم نبيهم. فانظروا يا معشر قريش كيف كان عذابي إياهم، وعقابي لهم على كفرهم بالله، وتكذيبهم رسوله هودًا، وإنذاري من سلك سبيلهم، وتمادى في الغيّ والضلال بحلول مثل ذلك العقاب به.
١٩ - ثم فصل ما أجمله أولًا بقوله:{إِنَّا أَرْسَلْنَا} وسلطنا {عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}؛ أي: ريحًا باردة أو شديدة الصوت والهبوب. وهي ريح الدبور. والصرصر من الصر. وهو البرد، أو من صر الباب إذا صوت. {فِي يَوْمِ} ذي {نَحْسٍ} وشؤم عليهم {مُسْتَمِرّ} صفة ليوم أو نحس، أي: مستمر شؤمه عليهم أوابد الدهر. فإن الناس يتشاءمون بأربعاء آخر الشهر.
قال ابن الشيخ (١): واشتهر بين بعض الناس التشاؤم بالأربعاء الذي يكون في آخر الشهر بناءً على قوله تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}. ومعلوم: أنه ليس المراد أنه نحس على المصلحين بل على المفسدين، حيث لم تظهر نحوسته في حق الأنبياء والمؤمنين. وفي "الروضة": الأربعاء مشؤوم عندهم، والذي لا يدور وهو آخر أربعاء في الشهر أشأم. وعن ابن عباس يرفعه "آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر". قال الشاعر:
والمعني: مستمر عليهم شؤمه ونحوسته أزمنة ممتدة إلى أن أهلكهم. فاليوم بمعني الحين، وإلا فاليوم الواحد لا يمكن أن يستمر سبع ليال وثمانية أيام. والاستمرار على هذا الوجه بحسب الزمان. أو المعنى شامل لجميعهم، كبيرهم،