للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" يعني: الشديد في الخصومة. متفق عليه.

٢٠٥ - {وَإِذَا تَوَلَّى} وانصرف وذهب من عندك يا محمَّد بعد إلانة القول، وإحلاء المنطق {سَعَى} ومشى {في} بقاع {الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا}؛ أي: ليوقع الفساد فيها بقطع الأرحام، وسفك دماء المسلمين، وإيقاع الاختلاف بينهم وتفريق كلمتهم {و} لـ {يهلك} ويعدم {الْحَرْثَ} والزرع بالإحراق {و} يهلك {النسل}؛ أي: نسل الدواب والحمر وأولادها بالقتل، فقوله: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ} معطوف على قوله: {لِيُفْسِدَ} عطف خاص على عام كما أشرنا إليه في الحل، فإن الأخنس هذا لما انصرف من بدر مر على بني زهرة، وكان بينهم وبين ثقيف خصومة فبيتهم ليلًا، فأحرق زرعهم وأهلك مواشيهم، وقيل: معناه إذا تولى؛ أي: إذا صار واليًا وملك الأمر .. سعى في الأرض؛ ليفسد فيها بالظلم والعدوان، كما يفعله ولاة السوء والظلمة، وقيل: يظهر ظلمه حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر، فهلك الحرث والنسل بسبب منع المطر، وهذه الآية وإن نزلت في الأخنس، فهي عامة في كل منافق يقول بلسانه ما ليس في قلبه.

يُعْطِيْكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ حَلاَوَةً ... وَيرُوغُ عَنْكَ كَمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ

وفي (١) قراءة شاذة عن أبيّ {وليهلك}، وقرأه قتادة بالرفع، وروي عن ابن كثير {ويَهلكُ} بفتح الياء وضم الكاف ورفع الحرث والنسل، وهي قراءة الحسن وابن محيصن، وما عدا قراءة الجمهور شاذ لا يقرأ به. {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}؛ أي: لا يرضى به ويعاقب صاحبه، يشمل كل نوع من أنواعه من غير فرق بين ما فيه فساد الدين، وما فيه فساد الدنيا.

٢٠٦ - {وَإِذَا قِيلَ لَهُ}؛ أي: لذلك الإنسان {اتَّقِ اللَّهَ}؛ أي: خَفْ عقاب الله في فعلك {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ}؛ أي: حملته الأنفة وحمية الجاهلية {بِالْإِثْمِ}؛ أي: على فعل الإثم والفساد الذي أُمر باتقائه، ولزمه التكبر الحاصل بالإثم الذي في قلبه،


(١) شوكاني.