للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعافية، ومن اعتقاد أن لا بعث ولا حساب ولا جزاء إلا عادة قديمة، لم يزل الناس عليها من قديم الدهر.

وقرأ عبد الله وعلقمة والحسن وأبو جعفر وأبو عمرو وابن كثير والكسائي (١): {خَلْق} بفتح الخاء وسكون اللام، والمعنى: أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا خلق الأولين؛ أي: اختلاقهم وكذبهم، فأنت على مناهجهم، أو ما خلقنا هذا إلا خلق الأمم الماضية، نحيا كحياتهم، ونموت كمماتهم، ولا بعث ولا معاد، ولا ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار. وقرأ أبو قلابة والأصعمي عن نافع بضم الخاء وسكون اللام، وتحتمل هذه القراءة ذينك الاحتمالين اللذين في {خُلُقُ} بضمتين.

١٣٨ - {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨)} على ما نحن عليه من الأعمال والعادات

١٣٩ - {فَكَذَّبُوهُ}؛ أي: كذبوا هودًا، وأصروا على تكذيبه ومخالفة أمره {فَأَهْلَكْنَاهُمْ}؛ أي: عادًا بسبب تكذيبهم بريح صرصر عاتية؛ ريح عظيمة ذات برد شديد، كما جاء في قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) وقوله: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠)} تلخيصه: أن هودًا أنذر قومه وعظهم، فلم يتعظوا فأهلكوا.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ أي: إن في إهلاكنا عادًا بتكذيبها رسولها {لَآيَةً}؛ أي: لعبرة وعظة لقومك - يا محمد - المكذبين بك فيما أتيتهم به من عند ربك {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ}؛ أي: أكثر قوم عاد {مُؤْمِنِينَ} بالله وبرسولهم هود عليه السلام. أو: وما كان أكثر من أهلكنا بالذين يؤمنون في سابق علمنا. أو: وما كان أكثر هؤلاء الذين سمعوا قصتهم من قوم محمد - صلى الله عليه وسلم - مؤمنين

١٤٠ - {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {لَهُوَ الْعَزِيزُ} الغالب المنتقم الشديد في انتقامه ممن يعمل عمل الجبارين، ولا يقبل موعظة واعظ ونصيحة ناصح. {الرَّحِيمُ} بأوليائه المؤمنين إن تابوا وأصلحوا.

وهذا تهديد لهذه الأمة كيلا يسلكوا مسالكهم (٢). قيل: خير ما أعطي الإنسان عقل يردعه، فإن لم يكن فحياء يمنعه، فإن لم يكن فخوف يقمعه، فإن


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.