٤٢ - ثم بين سبحانه، أن المبدأ منه والمعاد إليه. فقال:{وَلِلَّهِ} سبحانه وتعالى لا لغيره {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ لأنه الخالق لهما, ولما فيهما من الذوات والصفات، وهو المتصرف في جميعها إيجادًا وإعدامًا، إبداءً وإعادةً. {وَإِلَى اللَّهِ} سبحانه خاصة لا إلى غيره {الْمَصِيرُ} والرجوع بالفناء، والبعث بعد الموت، فعلى العاقل أن يعبد هذا المالك القوي، ويسبحه باللسان الصوري والمعنوي.
والمعنى: أن لله سبحانه وتعالى ملك السماوات والأرض، وهو الحاكم المتصرف فيهما إيجادًا وإعدامًا، بدءًا وإعادةً، وإليه وحده مصيركم ومعادكم، فيوفيكم أجور أعمالكم التي عملتموها في الدنيا، فأحسنوا عبادته، واجتهدوا في طاعته، وقدموا لأنفسكم صالح الأعمال.
٤٣ - ثم ذكر سبحانه دليلًا آخر على وحدانيته وقدرته من الآثار العلوية، فقال:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} والاستفهام فيه للتقرير. والرؤية هنا بصرية، والخطاب فيه لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل ما يصلح للخطاب. والإزجاء: سوق الشيء برفق وسهولة، كما سيأتي. والسحاب: الغيم. سمي به (١) لانسحابه في الهواء؛ أي: انجراره والمراد هنا: قطع السحاب بقرينة إضافة بين إلى ضميره؛ لأنه لا يضاف إلا إلى متعدد. قال كعب الأحبار: السحاب غربال المطر، ولولاه لأفسد المطر ما يقع عليه.
والمعنى: قد رأيت يا محمد، أو أيها المخاطب، رؤية بصرية أن الله يسوق غيمًا إلى حيث يشاء.
{ثُمَّ يُؤَلِّفُ} سبحانه ويجمع {بَيْنَهُ}؛ أي: بين أجزائه، فيضم بعضه إلى بعض، ويجمعه بعد تفرقه، فيجعله شيئًا واحدًا بعد أن كان قطعا، ليقوى ويتصل ويكثف.