للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الفراء: إن الضمير في بينه راجع إلى جملة السحاب، كما تقول: الشجر قد جلست بينه؛ لأنه جمع وإفراد الضمير باعتبار اللفظ. اهـ. وقرأ (١) ورش: {يولف} بالواو. وباقي السبعة بالهمز. وهو الأصل.

{ثُمَّ يَجْعَلُهُ}؛ أي: ثم يجعل سبحانه السحاب {رُكَامًا}؛ أي: متراكمًا متراكبًا مجتمعًا بعضه فوق بعض، فإنه إذا اجتمع شيء فوق شيء، فهو ركوم مجتمع. {فَتَرَى}؛ أي: تبصر أيها الناظر {الْوَدْقَ}؛ أي: المطر إثر تكاثف السحاب وتراكمه. وجملة قوله: {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ}؛ أي: من ثقبه، حال (٢) من الودق؛ لأن الرؤية بصرية. والخلال جمع خلل، كجبال وجبل. وقيل: هو مفرد، كحجاب. وهو فرجة بين الشيئين. والمراد هاهنا: مخارج القطر. والمعنى: حال كون ذلك الودق، يخرج من أثناء ذلك السحاب، وفتوقه التي حدثت بالتراكم وانعصار بعضه من بعض.

وقرأ ابن مسعود (٣) وابن عباس والضحاك وأبو العالية ومعاذ العنبري عن أبي عمرو والزعفراني {من خلله} بالإفراد.

{وَيُنَزِّلُ} سبحانه {مِنَ السَّمَاءِ}؛ أي: من الغمام، فإن كل ما علاك سماء، وسماء كل شيء أعلاه. {مِنْ جِبَالٍ}؛ أي: من قطع عظام، تشبه الجبال في العظم كائنة {فِيهَا}؛ أي: في السماء، فإن السماء من المؤنثات السماعية. {مِنْ بَرَدٍ} مفعول (ينزل) على أن {من} تبعيضية، والأوليان لابتداء الغاية، على أن الثانية بدل اشتمال من الأولى بإعادة الجار. والبرد محركةً الماء المنعقد؛ أي: ما يبرد من المطر في الهواء فيصلب، كما في "المفردات".

والمعنى: ويُنزل الله سبحانه مبتدئًا من السماء من جبال كائنة فيها بعض برد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ينزل بسكون النون من أنزل، والباقون بفتحها وتشديد الزاي من نزل من باب فعل المضعف. قال بعضهم (٤): إن الله تعالى


(١) البحر المحيط.
(٢) روض البيان.
(٣) البحر المحيط.
(٤) روض البيان.