للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نحو {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}، وإن يأت كاذبًا، وقد استشكل على هذا نحو {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ} {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ}، فأنَّه لم يرد من أبي عمرو خلاف في إدغامهما، وكان القياس يقتضى جواز الوجهين؛ لأنَّ ياء المتكلم فاصلة تقديرًا. اهـ "سمين".

ولفظ {دِينًا} إما مفعول و {غَيْرَ الْإِسْلَامِ} حال منه مقدم عليه، أو تمييز، أو بدل من غير، كما سيأتي ذلك في مباحث الإعراب.

٨٦ - {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} نزلت (١) في إثني عشر رجلًا ارتدوا عن الإِسلام، وخرجوا من المدينة، وأتوا مكة كفارًا، منهم الحارث بن سويد الأنصاري، وطعمة بن أبيرق، وحجوج بن الأسلت، كما أخرجه عن عكرمة ابن عساكر، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في اليهود والنصارى، وذلك أنَّ اليهود كانوا قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتحون به على الكفار، ويقرون به ويقولون: قد أظل زمان نبي مبعوث، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - .. كفروا به بغيًا وحسدًا.

والاستفهام هنا (٢) للإنكار، ويجوز أن يكون للتعجب والتعظيم لكفرهم بعد الإيمان، أو للاستبعاد والتوبيخ؛ فإنَّ الجاحد عن الحق بعد ما وضح له .. منهمك في الضلال، بعيد عن الرشاد، فليس للإنكار، حتى يستدل به على عدم توبة المرتد، وإنْ كان إنكارًا فالاستشهاد يمنعه.

ومعنى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ} كيف يرشد الله للصواب ويوفق للإيمان {قَوْمًا كَفَرُوا}؛ أي: جحدوا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - {بَعْدَ إِيمَانِهِمْ}؛ أي: تصديقهم إياه بالقلب، وإذعانهم به، وبما جاء به من عند ربه {وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ}؛ أي: وبعد أنْ شهدوا وأقروا بلسانهم أنَّ محمدًا رسول الله إلى خلقه، وأنَّه حق وصدق {وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}؛ أي: والحال أنَّه قد جاءهم الحجج والبراهين، والمعجزات


(١) الخازن.
(٢) الجمل.