وحده دون غيره من الوسائل، فقال في تماثيلهم:{بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}.
٨٠ - {وَحَاجَّهُ}؛ أي: حاج إبراهيم عليه السلام وجادله {قَوْمُهُ} وخاصموه ونازعوه في أمر التوحيد، فهو إذ أبان لهم بطلان عبادة الأصنام، وربوبية الكواكب، وأثبت لهم وحدانية الله تعالى ووجوب عبادته وحده، حاجوه وخاصموه ببيان أوهامهم في شركهم، إذ قالوا: إن اتخاذ الآلهة لا ينافي الإيمان بالله الفاطر للسموات والأرض؛ لأنهم شفعاء عنده، ولما لم يجد ذلك معه .. خوفوه أن تمسه آلهتهم بسوء، وانتهت بهم خاتمة المطاف أن قالوا: إنهم ساروا على ما وجدوا عليه آباءهم، وليس للمقلد أن يحتج، ولكنه يجادل ويحاج مع كونه لا يخضع للحجة إذا قامت عليه، وكثيرًا ما يضطرب المقلد لسماع الحجة؛ إذ يومض في قلبه نورها، ثم يعود إلى سابق وهمه خائفًا مما لا يخاف، راجيًا ما لا يرجى.
{قَالَ} إبراهيم {أَتُحَاجُّونِّي} وتجادلوني {في} شأن {اللهِ} وما يجب في الإيمان به؛ أي: أتخاصمونني في كونه لا شريك له ولا ند ولا ضد، والاستفهام فيه للإنكار؛ أي: لا تخاصموني ولا ينبغي لكم ذلك {و} الحال أنه سبحانه وتعالى {قد هداني} وأرشدني إلى توحيده، وأنتم تريدون أن أكون مثلكم في الضلالة والجهالة وعدم الهداية، والمعنى: وقد فضلني عليكم بما هداني إلى التوحيد الخالص، وبما بصرني به من الحجة التي أقمتها عليكم، وأنتم الضالون بإصراركم على شرككم وتقليدكم فيه من قبلكم. وقرأ (١) نافع وابن عامر بخلاف عن هشام: {أَتُحَاجُّوني} بتخفيف النون، وأصله بنونين الأولى علامة الرفع، والثانية نون الوقاية، والخلاف في المحذوف منهما مذكور في علم النحو. وقرأ باقي السبعة: بتشديد النون أصله: أتحاجونني، فأدغم فرارًا من ثقل توالي مثلين متحركين.