للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شك منه؛ أي: من القرآن، والإيراث في الأصل: تملك قهري، يثبت لقريب الميت بموته، والشك (١): اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما {مُرِيبٍ}؛ أي: موقع ذلك الشك في القلق، أي: الاضطراب، ولذلك لا يؤمنون لمحض البغي، والمكابرة، بعدما علموا بحقيته، كدأب أهل الكتابين. والريب: قلق النفس واضطرابها، ويسمى الشك بالريب؛ لأنه يقلق النفس، ويزيل طمأنينتها، كما سيأتي في مبحث اللغة، قرأ الجمهور: {أُورِثُوا}، وقرأ زيد بن علي: {ورّثوا} مشدد الراء، مبنيًا للمفعول، وقرىء {ورثوا} بتخفيف الراء، مبنيًا للفاعل.

والمعنى (٢): أي وإن أهل الكتاب الذين كانوا في عهده - صلى الله عليه وسلم - وورثوا التوراة، والإنجيل عن السابقين لهم، لفي شك من كتابهم، إذ لم يؤمنوا به حق الإيمان، فهم مقلدون أسلافهم بلا حجة ولا برهان، وهم في حيرة من أمرهم، وشك أقض مضاجعهم، وأوقعهم في اضطراب وقلق.

وقصارى ذلك: أنهم تفرقوا بعد العلم الذي حصل من النبي المبعوث إليهم المصدق لكتابهم؛ لأنهم شكوا في كتابهم فلم يؤمنوا به ولم يعملوا بما فيه من أمر ونهي.

١٥ - {فَلِذَلِكَ}؛ أي: فلأجل ما ذكر من التفرق والشك المريب، أو فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم، القديم الحقيق، بأن يتنافس فيه المتنافسون {فَادْعُ} يا محمد الناس كافة إلى إقامة ذلك الدين، والعمل بموجبه، فإن كلا من تفرقهم وكونهم في شك مريب، ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، سبب للدعوة إليه، والأمر بها، وليس المشار إليه ما ذكر من التوصية، والأمر بالاتفاق، والنهي عن التفرق حتى يتوهم شائبة التكرار؛ أي: فلأجل ذلك التفرق، ولما حدث بسببه من تشعب الكفر في الأمم السالفة شعبًا، ادع إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية ملة إبراهيم {وَاسْتَقِمْ} عليه وعلى الدعوة


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.