للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرسل، لهداية البشر {فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}؛ أي: فتكون ممن خسروا أنفسهم بالحرمان من الإيمان, وما يتبعه من سعادة الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. فالشك والامتراء فيما أنزل إليك، كالتكذيب بآيات الله جحودًا بها، وعنادًا، كلاهما سواء في الخسران لحرمان الجميع من الهداية بها والوصول إلى السعادة في الدارين

٩٦ - {إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ} وثبتت ووجبت {عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}؛ أي: قضاؤه وحكمه الذي كتبه في اللوح المحفوظ، بأنهم يموتون على الكفر ويخلدون في النار، بفقدهم الاستعداد للاهتداء لرسوخهم في الكفر والطغيان، وإحاطة خطاياهم بهم وإعراضهم عن آيات الله، التي خلقها في الأكوان بما يرشد إلى وحدانيته، وكمال قدرته {لَا يُؤْمِنُونَ} إذ لا يكذب كلامه، ولا ينتقض قضاؤه

٩٧ - {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} من الآيات الكونية، كآيات موسى عليه السلام، التي اقترحوا مثلها عليك، والآيات المنزلة عليك، كآيات القرآن العقلية، الدالة بإعجازها على أنها من عند الله، وعلى حقية ما تدعوهم إليه وتنذرهم به {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} بأعينهم، ويذوقوه حين ينزل بهم، فيكون إيمانهم، اضطرارًا لا اختيارًا منهم، كدأب آل فرعون وأشباههم، فلا يترتب عليه عمل منهم يطهرهم ويزكيهم، وحينئذٍ لا ينفعهم إيمانهم كما لا ينفع فرعون، ويقال لهم إذ ذاك {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}.

٩٨ - {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ}؛ أي: فهلا كانت ووجدت قرية {آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا}؛ أي: فهلا كان أهل قرية من قرى أقوام أولئك الرسل، آمنوا بعد دعوتهم، وإقامة الحجة عليهم، فنفعهم إيمانهم قبل وقوع العذاب الذي أنذروا به.

وخلاصة ذلك: أنه لم يؤمن قوم منهم، بحيث لم يشذ منهم أحد.

قال أبو مالك (١) - صاحب ابن عباس -: كل ما في كتاب الله تعالى، من ذكر لولا، فمعناه: هلا إلا حرفين {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} فمعناه: فما كانت قرية آمنت، {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُم} فمعناه: فما كان من القرون،


(١) المراح.