للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: كيف صبر يوسف عن أبيه بعد أن صار ملكًا؟

فقد أجاب المفسرون عنه بثلاثة أجوبة:

أحدها: أنه يجوز أن يكون ذلك عن أمر الله تعالى وهو الأظهر.

والثاني: لئلا يظن الملك بتعجيل استدعائه أهله شدة فاقتهم.

والثالث: أنه أحب بعد خروجه من السجن أن يدرج نفسه إلى كمال السرور. والصحيح أن ذلك كان عن أمر الله تعالى ليرفع درجة يعقوب بالصبر على البلاء، وكان يوسف يلاقي من الحزن لأجل حزن أبيه عظيمًا، ولا يقدر على دفع سببه.

{وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ}؛ أي: أعلم (١) من لطفه وإحسانه وثوابه على المصيبة {مَا لَا تَعْلَمُونَ} ـه أنتم، وقيل: أراد علمه بأن يوسف حي، وقيل: أراد علمه بأن رؤياه صادقة، وقيل: أعلم من إجابة المضطرين إلى الله ما لا تعلمون، فأرجو أن يرحمني ويلطف بي ولا يخيب رجائي.

والخلاصة (٢): أي وأنا أعلم في ابتلائي بفراقه مع حسن عاقبته ما لا تعلمون، فاعلم أنه حي يرزق، وأن الله يجتبيه ويتم نعمته عليه وعلى آل يعقوب، وأنتم تظنون أن يوسف قد هلك، وأن بنيامين قد سرق فاسترقَّ، وتحسبون أني بحزني ساخط على قضاء الله تعالى في شيء أمضاه ولا مرد له، وأنا أعلم أن لهذا أجلًا هو بالغه، وإني لأرى البلاء ينزل عليكم من كل جانب بذنوبكم وبتفريطكم في يوسف من قبل وبأخيه الذي كان يسليني عنه من بعده.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: أنا أعلم أن رؤيا يوسف حق، وأنني سأسجد له.

٨٧ - وقال السدي (٣): لما أخبره أولاده بسيرة الملك .. أحست نفسه، فطمع وقال: لعله يوسف، فقال: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا} إلى مصر


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.