للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى (١): أي وجعلنا فرعون وقومه أئمة يقتدي بهم أهل العتو والكفر بالله تعالى، فهم يحثون على فعل الشرور والمعاصي، وتدسية النفوس بالفسوق والآثام، التي تلقي بفاعلها في النار، وما كفاهم أن كانوا ضالين كافرين بالله ورسوله، بل دأبوا على إضلال سواهم، وتحسين العصيان لهم، وبذا قد ارتكبوا جريمتين، فباؤوا بجزائين، جزاء الضلال، وجزاء الإضلال، وقد جاء في الحديث: "من سن سنة حسنة كان له أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".

ثم ذكر أنه لا نصير لهم، ولا شفيع في ذلك اليوم، فقال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه؛ أي: ويوم القيامة لا يجدون نصيرًا، يدفع عنهم عذاب الله سبحانه إذا حاق بهم، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون، فكان لهم مطمع في النصرة يومئذٍ بحسب ما يعرفون.

٤٢ - ثم ذكر ما هو كالفذلكة لما تقدم، وبيَّن سوء حالهم في الدارين فقال: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ}؛ أي: ألحقناهم {فِي هَذِهِ الدُّنْيَا} وألزمناهم {لَعْنَةً}؛ أي: طردًا وإبعادًا من الرحمة، أو لعنًا من اللاعنين، لا تزال تلعنهم الملائكة والمؤمنون، خلفًا عن سلف، أو أمرنا العباد بلعنهم، فكل من ذكرهم لعنهم، والأول أولى، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ}؛ أي: من المطرودين المبعدين. وقيل: من المهلكين الممقوتين، وقال ابن عباس (٢): من المشوَّهين بسواد الوجوه، وزرقة العيون.

و {يَوْمَ} متعلق بـ {الْمَقْبُوحِينَ} على أن اللام معرفة لا موصولة، يقال: قبح الله فلانًا قبحًا وقبوحًا؛ أي: أبعد من كل خير، فهو مقبوح، كما في "القاموس" وغيره. وعليه بني الراغب، حيث قال في "المفردات": {مِنَ الْمَقْبُوحِينَ}؛ أي: من الموسومين بحالة منكرة، كسواد الوجوه وزرقة العين، وسحبهم بالأغلال


(١) المراغي.
(٢) الخازن.