للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في عبادة من العبادات، ولا سيما مخ العبادة وروحها، وهو الدعاء، فهو عابد له مشرك بالله.

والمعنى: إن الله سبحانه وتعالى أمره بالاستقامة في الدين، والثبات فيه، وعدم التزلزل عنه بحال من الأحوال، وخص الوجه, لأنه أشرف الأعضاء أو أمره باستقبال القبلة في الصلاة وعدم التحول عنها.

ثم أكد (١) الأمر المتقدم بالنهي عن ضده فقال: {وَلَا تَكُونَنَّ} يا محمَّد {مِنَ الْمُشْرِكِينَ}؛ أي: ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد، كأرباب الديانات الوثنية الباطلة الذين يجعلون بينهم وبين الله حجابًا من الوسطاء والأولياء والشفعاء، يوجهون قلوبهم إليهم عند الشدة تصيبهم، والحاجة تستعصي عليهم، ليقضوا لهم حاجتهم، إما بأنفسهم أو بشفاعتهم ووساطتهم عند ربهم، فإن فعلت ذلك كنت من الهالكين، وهذا من باب التعريض لغيره، - صلى الله عليه وسلم -.

١٠٦ - وقوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} معطوف (٢) على {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ} غير داخل تحت الأمر. وقيل: معطوف على {وَلَا تَكُونَنَّ}؛ أي: ولا تدع يا محمَّد من دون الله في حال من الأحوال ما لا ينفعك ولا يضرك بشيء من النفع والضر إن دعوته، ودعاء من كان هكذا لا يجلب نفعًا ولا يدفع ضرًّا ضائع لا يفعله عاقل، على تقدير أنه لا يوجد من يقدر على النفع والضر غيره، فكيف إذا كان موجودًا، فإن العدول عن دعاء القادر إلى دعاء غير القادر أقبح وأفحش، أي (٣): ولا تدع أيها الرسول غيره تعالى دعاء عبادة لا على سبيل الاشتراك، بوساطة الشفعاء ما لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يضرك إن تركت دعاءه ولا إن دعوت غيره.

{فَإِنْ فَعَلْتَ}؛ أي: فإن دعوت غيره تعالى ولكنه كنى عن القول بالفعل {فَإِنَّكَ} يا محمَّد {إِذًا}؛ أي: إذا دعوت غير الله تعالى {مِنَ الظَّالِمِينَ} لأنفسهم بحرمانها من سعادة الدارين، وهذا جواب الشرط؛ أي: فإن دعوت من دون الله


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.