للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الشاعر:

أنت عصا موسى الّتي لم تزل ... تلقم ما يأفكه آلسّاحر

١١٨ - {فَوَقَعَ الْحَقُّ}؛ أي: فظهر الحق الذي جاء به موسى، وثبت {وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} من السحر؛ أي: ظهر بطلانه وفساده. وسبب هذا الظهور أن السحرة قالوا: لو كان ما صنع موسى سحرا لبقيت حبالنا وعصينا، فلما فقدت .. ثبت أن ذلك حصل بقدرة الله تعالى، لا لأجل السحر، فتبين لمن حضره وشهده أنّ موسى رسول من عند الله، يدعو إلى الحق، وأنّ ما عملوه ما هو إلا إفك السحر وكذبه ومخايله

١١٩ - {فَغُلِبُوا}؛ أي: فرعون وقومه {هُنالِكَ}؛ أي: في ذلك الموقف الذي أظهروا فيه سحرهم {وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ}؛ أي: صاروا ذليلين مبهوتين؛ أي: غلب موسى فرعون وجموعه في ذلك الجمع العظيم، الذي كان في عيد لهم، ضربه موسى موعدا لهم كما جاء في سورة طه: {قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)} وعادوا من ذلك الحفل صاغرين أذلة بما رزئوا من خيبة وخذلان.

١٢٠ - {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) أي: خروا سجدا لله تعالى؛ أي: فكأنّهم من سرعة سجودهم ألقوا؛ أي: وألقي السحرة حينما عاينوا عظيم قدرة الله تعالى ساقطين على وجوههم سجدا لربهم؛ لأنّ الحق قد بهرهم واضطرهم إلى السجود، حتى كأن أحدا دفعهم وألقاهم.

والخلاصة (١): أن ظهور بطلان سحرهم، وإدراكهم فجأة لآية موسى، وعلمهم بأنّها من عند الله تعالى، لا صنع فيها لمخلوق، ملأت عقولهم يقينا، وقلوبهم إيمانا، فكأن اليقين الحاكم على الأعضاء والجوارح هو الذي ألقاهم على وجوههم سجدا لرب العالمين، الذي بيده ملكوت كل شيء، وزالت من نفوسهم عظمة فرعون الدنيوية الزائلة، بعد أن ظهر لهم صغاره أمام هذه الآية، فنطقوا بما حكى الله عنهم

١٢١ - {قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) أي: قالوا صدقنا بما


(١) المراغي.