للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يؤمنوا بالأنبياء قبل نبيهم.

{كَذَلِكَ}؛ أي: أضلالًا مثل ذلك الإضلال الفظيع الواقع لهم {يُضِلُّ اللَّهُ} سبحانه ويصد عن سبيل الحق وقصد السبيل {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} منهمك في المعاصي متجاوز الحد فيها، مستكثر منها {مُرْتَابٌ} شاك في وحدانيته ووعده ووعيده؛ لغلبة الوهم عليه وانهماكه في التقليد.

٣٥ - والموصول في قوله (١): {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ}: بدل من {مَنْ} الموصولة، والجمع باعتبار معناها؛ إذ لا يريد مسرفًا واحدًا بل كل مسرف، أو عطف بيان لها، أو في محل نصب بإضمار أعني، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم الذين، أو مبتدأ وخبره {يَطْبَعُ}. والمراد بالمجادلة: ردّ الآيات والطعن فيها {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} متعلق بـ {يُجَادِلُونَ}؛ أي: بغير حجة وبرهان صالحة للتمسك بها {أَتَاهُمْ} صفة لسلطان {كَبُرَ}؛ أي: عظم من هو مسرف مرتاب أو الجدال، ففاعله: ضمير يعود على {مَنْ} في قوله: {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ}. وقيل: ضمير يعود على الجدال المفهوم من يجادلون، وهذا أولى كما في "الشوكاني"؛ أي: عظم الجدال {مَقْتًا}؛ أي: من جهة البغض الشديد والنفور القوي {عِنْدَ اللَّهِ} سبحانه، متعلق بـ {كَبُرَ} وكذلك قوله: {وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يمقتهم الذين آمنوا بذلك الجدال، قيل: هذا من كلام الرجل المؤمن، يحتمل أن يراد به التعجب، وأن يراد به الذم كبئس، وقيل: ابتداء كلام من الله سبحانه.

والمعنى (٢): أي إنّ هؤلاء المسرفين المرتابين هم الذين يخاصمون في حجج الله التي أتتهم بها رسله ليدحضوها بالباطل من الحجج التي لا مستساغ لها من عقل ولا نقل، فيتمسّكون بتقليد الآباء والأجداد ويتمسَّكون بترّهات الأباطيل التي لا يتقبلها ذوو الحصافة والرأي، كبر ذلك الجدال بغضًا لدى الله والمؤمنين، فمقت الله إياهم يكون بما يستتبعه من سوء العذاب، ومقت المؤمنين تظهر آثاره في هجرهم إياهم، والاحتراس من التعامل معهم، وعدم الركون إليهم في الدين والدنيا.


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.