للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نحيا في الدنيا. وقيل: فيه تقديم وتأخير؛ أي: إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت. ما قال: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي}. وقيل: نموت - يعني الآباء - ونحيى، يعني الأولاد. اهـ.

{وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}؛ أي: بمنشرين بعد الموت، كما تزعم يا هود؛ أي: ما لنا (١) حياة إلا هذه الحياة في الدنيا تموت الأحياء منا فلا تحيا، ويحدث آخرون منا ويولدون، وما نحن بمبعوثين بعد الموت، إنما مثلنا مثل الزرع يُحصد هذا وينبت ذلك.

والخلاصة: أنه يموت منا من هو موجود، وينشأ آخرون بعدهم، انظر كيف عميت قلوبهم، حتى لم يروا أن الإعادة أهون من الابتداء، وأن الذي هو قادر على إيجاد شيء من العدم واعدامه من الوجود، يكون قادرًا على إعادته ثانيًا،

٣٨ - وبعد أن كان أمرهم معه مقصورًا على الاستبعاد فحسب، جاهروا بتكذيبه فيما يدعي، فقالوا: {إِنْ هُوَ}؛ أي: ما هود {إِلَّا رَجُلٌ}؛ أي: إلا شخص {افْتَرَى} واختلق {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} فيما يدعيه من الرسالة، وفيما يعدنا من أن الله تعالى يبعثنا {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ}؛ أي: بمصدقين فيما يقول؛ أي (٢): ما هو إلا رجل يختلق الكذب على الله، فتارة يقول: ما لكم من إله غير الله خالق السماوات والأرض، وأخرى يقول: إنكم إذا متم وكنتم ترابًا وعظامًا إنكم مخرجون، وما نحن بمصدقيه فيما يدعي ويزعم من التوحيد والبعث،

٣٩ - ولما يئس هود من إيمانهم بعد ذكر هذه المقالة: {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} .. فزع إلى ربه فقال: {رَبِّ انْصُرْنِي} عليهم وانتقم لى منهم {بِمَا كَذَّبُون}؛ أي: بسبب تكذيبهم إياي وإصرارهم عليه؛ أي: قال بعد أن يئس من إيمانهم، وقد سلك في دعوتهم كل مسلك متضرعًا إلى ربه: رب انصرني عليهم، وانتقم لى منهم بتكذيبهم إياي فيما دعوتهم إليه من الحق، واصرارهم على الباطل،

٤٠ - فأجابه ربه إلى ما سأل. {قَالَ} الله سبحانه وتعالى، مجيبًا لدعائه، واعدًا له بالقبول لما دعا به {عَمَّا قَلِيلٍ}؛ أي:


(١) المراغي.
(٢) المراغي.