للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يأخذ به، إذا علم أنه حكم له بغير حقه، كما أن فيها توبيخًا وتقريعًا لأولئك الذين أرادوا مساعدة أبيرق على اليهودي.

١١٠ - ثم رغِّب في التوبة من الذنوب وحثَّ عليها فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا}؛ أي: قبيحًا يسوء ويحزن به غيره، كما فعل طعمة من سرقة الدرع لقتادة، ومن رمي اليهودي بالسرقة، {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بفعل معصية تختص به، كالحلف الكاذب {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ} من ذلك السوء والظلم بالتوبة الصادقة، {يَجِدِ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {غَفُورًا}؛ أي: غفارًا لذنوبه {رَحِيمًا}؛ أي: متفضلًا عليه بالعفو والمغفرة حيث قبل توبته، وهذه (١) الآية دلت على أن التوبة مقبولة من جميع الذنوب، سواء كانت كفرًا أو قتلًا عمدًا أو غصبًا للأموال؛ لأن السوء وظلم النفس يعم الكل، والمراد بوجدان الله غفورًا رحيمًا هو: أن التائب المستغفر يجد أثر المغفرة في نفسه، بكراهة الذنب وذهاب داعيته، ويجد أثر الرحمة بالرغبة في الأعمال الصالحة، التي تطهر النفس، وتزيل الدرن عنها.

وفي ذلك ترغيب وحث لطعمة وقومه في التوبة والاستغفار، كما أن فيها بيانًا للمخرج من الذنب بعد وقوعه، وفيها تحذير من أعداء الحق والعدل الذين يحاولون هدمهما، وهما أسس الشرائع،

١١١ - ثم حذر من فعل الذنوب والآثام، وذكر عظيم ضررها فقال: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا}؛ أي: يعمل ذنبًا {فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} فلا يتعدى ضرره إلى غيره، فليتحرز عن إقبال نفسه للعقاب عاجلًا وآجلًا، والكسب عبارة عما يفيد جر منفعة أو دفع مضرة، ولذلك لم يجز وصف الله تعالى بذلك، وهذا إجمال بعد تفصيل، والمعنى (٢): ومن يعمل الإثم وير أنه قد كسبه وانتفع به .. فإنما كسبه وبال على نفسه، وضرر لا نفع له فيه، كما يخطر على بال من يجهل عواقب الآثام في الدنيا والآخرة، من فضيحة للآثم ومهانة له بين الناس وعند الحاكم العادل، كما وقع لأصحاب هذه القصة الذين نزلت في شأنهم هذه الآيات، ومن خزي في الآخرة، يوم لا ينفع مال ولا بنون


(١) كرخي.
(٢) المراغي.