للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العذاب أو الساعة .. هددهم هنا بأخذ سمعهم وأبصارهم، والختم على قلوبهم، ولما كان هذا التهديد أخف من التهديد السابق .. لم يؤكد هنا بحرف الخطاب، واكتفى بخطاب الضمير فقال: {أَرَأَيْتُمْ} بلا كاف، ولما كان السابق أعظم من هذا .. أكد خطاب الضمير بحرف الخطاب فقال: {أَرَأَيْتَكُمْ}، وفي تلك وهذه الاستدلال على توحيد الله تعالى، وأنه المتصرف في العالم، الكاشف للعذاب والراد لما شاء بعد الذهاب، وأن آلهتهم لا تغني عنهم شيئًا.

التفسير وأوجه القراءة

٣٦ - {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ} لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - دعوته إلى الإيمان والتوحيد {الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}؛ أي: المؤمنون الذين يسمعون كلام الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - سماع تفهم وتدبر، فيعقلون الآيات، ويذعنون لما عرفوا بها من الحق، لسلامة فطرتهم، وصفاء نفوسهم، وطهارة قلوبهم دون الذين قالوا: سمعنا وهم لا يسمعون، كالمقلدين الذين لا يفكرون في الأشياء بعقولهم، ودون الذين قالوا: سمعنا وعصينا من المستكبرين الجاحدين، فهؤلاء من موتى القلوب، وأبعد الناس عن الانتفاع بما يسمعون، لما جعلنا على قلوبهم من الأكنة، وفي آذانهم من الوقر. {وَالْمَوْتَى}؛ أي: الكفار الذين هم كموتى الأجساد الذين لا يسمعون صوتًا، ولا يعقلون دعاءً، ولا يفقهون قولًا؛ إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله تعالى، ولا يعتبرون بآياته، ولا يتذكرون فينزجرون عن تكذيب رسل الله {يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ}؛ أي: يترك أمرهم في الدنيا إلى أن يبعثهم الله تعالى من قبورهم مع سائر الناس {ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}؛ أي: ثم إلى موقف حسابه يرجعون، ويحشرون إليه للمجازاة، فحينئذ يسمعون فينالون ما يستحقون على كفرهم وسيىء أعمالهم، وأما قبل ذلك .. فلا يسمعون فلا تبخع نفسك عليهم حسرات، إذ ليس في استطاعتك هدايتهم ولا إرجاعهم إلى محجة الرشاد.

وفي "الفتوحات" قوله: {وَالْمَوْتَى} إلخ مقابل لقوله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ} إلخ كأنه قال: والذين لا يستجيبون ولا يسمعون يبعثهم الله اهـ "خازن".