للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا تعقل له فائدة ولا تظهر فيه لذوي العقول الراجحة مصلحة.

١٥٢ - والسادس: ما ذكره بقوله: {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}؛ أي: ولا تقربوا مال اليتيم إذا وليتم أمره، أو تعاملتم به ولو بواسطة وليه، أو وصيه إلا بالفعلة التي هي أحسن من غيرها في حفظ ماله وتثميره، ورجحان مصلحته، والإنفاق منه على تربيته، وتعليمه ما به يصلح معاشه ومعاده. قال مجاهد: هي التجارة فيه. وقال الضحاك: هو أن يسعى له فيه، ولا يأخذ من ربحه شيئا، هذا إذا كان القيم بالمال غنيا غير محتاج، فلو كان الوصي فقيرا .. فله أن يأكل بالمعروف، والنهي عن القرب من الشيء أبلغ من النهي عنه، فإن الأول يتضمن النهي عن الأسباب والوسائل المؤدية إليه، وعن الشبهات التي هي مظنة التأويل، فيبتعد عنه المتقي ويستسيغها الطامع فيه إذ يراها بالتأويل من الوجوه الحلال لا تضر به، أو يرجح نفعها على ضررها كأن يأكل من ماله حين يعمل عملا له فيه ربح، ولولاه ما ربح.

{حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}؛ أي: احفظوا مال اليتيم إلى أن يبلغ أشده؛ أي: إلى بلوغه رشيدا، فإذا بلغ أشده فادفعوا إليه ماله، فأما (١) الأشد: فهو استحكام قوة الشباب والسن حتى يتناهى في الشباب إلى حد الرجال. والمراد بالأشد في هذه الآية: هو ابتداء بلوغ الحلم مع إيناس الرشد، وهو أن يكون في تصرفاته سالكا مسلك العقلاء لا مسلك أهل السفه والتبذير، وهذا هو المختار في تفسير هذه الآية.

والمعنى:

احفظوا مال اليتيم، ولا تسمحوا له بتبذير شيء من ماله وإضاعته أو الإسراف فيه حتى يبلغ، فإذا بلغ رشيدا فسلموه إليه.

والخلاصة:

أن المراد النهي عن كل تعد على مال اليتيم، وهضم لحقوقه من الأوصياء وغيرهم حتى يبلغ سن القوة بدنا وعقلا؛ إذ قد دلت التجارب على أن الحديث العهد بالاحتلام يكون ضعيف الرأي قليل الخبرة بشؤون المعاش يخدع كثيرا في المعاملات.


(١) الخازن.