الإنسان سريعًا، والإنسان لا يدرك كل الأماني. فعلى العبد أن يتدارك الحال بقصر الآمال. وقرأ ابن محيصن {يرجعون} بضم الياء وفتح الجيم.
ومن السنة (١): حسن الوصية عند الموت، وإن كان الذي يوصي عند الموت كالذي يقسم ماله عند التشبع. ومن مات بغير وصية، لم يؤذن له في الكلام في البرزخ إلى يوم القيامة، ويتزاور الأموات، ويتحدثون وهو ساكت فيقولون: إنه مات بغير وصية، فيوصي بثلث ماله. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: الضرار في الوصية من الكبائر، جعلنا الله وإياكم من المتداركين لحالهم، والمتفكرين في مآلهم، والمكثرين من صالح الأعمال، والمنتقلين من الدنيا إلى الآخرة على أحسن الأقوال.
٥١ - ثم بين أنهم بعد أن يموتوا ينفخ في الصور النفخة الثانية نفخة البعث من القبور، فقال:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}؛ أي: ينفخ في الصور. وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع. والنفخ: نفخ الريح في الشيء. وقرأ الجمهور {الصور} بإسكان الواو. وفيه وجهان:
أحدهما: أنه القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، وفيه بعدد كل روح ثقبة هي مقامه. والمعنى حينئذٍ: ونفخ في القرن نفخًا، هو سبب لحياة الموتى.
وثانيهما: أنه جمع صورة كصوف جمع صوفة، ويؤيد هذا الوجه قراءة الأعرج {ونفخ في الصوَر} بفتح الواو. فالمعنى عليه: ونفخ في الصور الأرواح، وذلك أيضًا بنفخ القرن.
والمراد: النفخة الثانية، التي يحيي الله بها كل ميت، لا النفخة الأولى التي يميت الله بها كل حي. وبينهما أربعون سنة، تبقى الأرض على حالها مستريحة بعدما مر بها من الأهوال العظام والزلازل، وتمطر سماؤها، وتجري مياهها، وتطعم أشجارها، ولا حي على ظهرها من المخلوقات، فإذا مضى بين النفختين أربعون عامًا، أمطر الله من تحت العرش ماءً غليظًا، كمني الرجال، يقال له: ماء