الكهنة، نحو شق بن رهم وسطيح بن ربيعة. قال في "حياة الحيوان": هما كاهنان، فكان شق نصفَ إنسان، له يد واحدة ورجل واحدة، وعين واحدة، وكان سطيح لـ له عظم ولا بنان، إنما كان يطوى كالحصير، لم يدرك أيام بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان في زمن ملك كسرى؛ وهو ساسان. انتهى.
٢ - {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}؛ أي: يلقي الأفاكون سمعهم إلى الشياطين، ويصغون إليهم أشد إصغاء، فيتلقون منهم ما يتلقون، وهؤلاء قلما يصدقون في أقوالهم، بل هم في أكثرها كاذبون. وهذا رد على من زعم من المشركين أن ما جاء به الرسول ليس بحق، وأنه شيء أتاه به رئي من الجن، فنزه الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن قولهم وافترائهم، ونبه إلى أن ما جاء به إنما هو من عند الله، وأنه تنزيله ووحيه نزل به ملك كريم، وأنه ليس من قبل الشياطين.
والخلاصة: أن هناك فارقًا بين محمد - صلى الله عليه وسلم - والكهنة، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لا يكذب فيما يخبر عن ربه، وما عرف منه إلا الصدق، والكهنة كذابون فيما يقولون، وقلما عرف منهم الصدق في أخبارهم.
٢٢٤ - ولما كان بعض المشركين يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاعر .. بيّن سبحانه حال الشعراء، ومنافاة ما هم عليه لما عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:{وَالشُّعَرَاءُ}؛ أي: شعراء الكفار الذين يهجون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ويعيبون الإِسلام، ويطعنون فيه منهم عبد الله بن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب ومسافع بن عبد مناف وأبو عزة عمرو بن عبد الله وأمية بن أبي الصلت وأبو سفيان بن حرب الأموي {يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}؛ أي: يتبعهم سفهاء العرب، حيث كانوا (١) يحفظون هجاءهم للمسلمين، وينشدونه في المجالس والمجامع، ويضحكون منه؛ أي: إن القرآن ليس بشعر، ولا محمد بشاعر؛ لأن الشعراء يتبعهم الضالون الحائدون عن السنن القويم، والسفهاء المائلون إلى الفساد الذي يجر إلى الهلاك، وأتباع محمد ليسوا كذلك، بل هم الراشدون المراجيح الرزان والساجدون الراكعون الباكون