للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ - قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} قال الزجاج (١): الذكر: مرفوع بالمضمر؛ والمعنى: هذا الذي نتلوه عليك يا محمد، ذكر رحمة ربك عبده {ذِكْرُ} مضاف إلى مفعوله {عَبْدَهُ} مفعول {رَحْمَتِ}، {زَكَرِيَّا}: بدل منه وقال الفراء: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى هذا الذي نتلوه عليك ذكر ربك عبده زكريا بالرحمة.

والحاصل: أن {ذِكْرُ} (٢): مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعله: محذوف؛ أي: ذكر الله رحمة عبده زكريا، و {رَحْمَتِ رَبِّكَ}: مضاف لفاعله، و {عَبْدَهُ}: مفعوله، وهذه التاء لا تمنع من عمل المصدر؛ لأنه مبني عليها، أي: مقترن بها وضعًا، فليست للوحدة والمرة، والتاء التي تمنع من عمل المصدر هي التي يؤتى بها للدلالة على المرة؛ والمعنى: هذا الذي نتلوه عليك يا محمد في هذه السورة، ذكر إجابة ربك عبده زكريا دعاءه إياه، حين دعاه وسأله الولد نداءً خفيًا ودعاءً سرًا؛ ومعنى ذكر الرحمة: ذكر بلوغها وإصابتها له، وإجابته دعائه، و {زَكَرِيَّا} يمد ويقصر، ابن آزر، قال الإِمام: زكريا من ولد هارون أخي موسى، وهما من ولد لاوى بن يعقوب بن إسحاق - عليهم السلام - وقرأ الحسن (٣)، وابن يعمر: {ذِكْرُ} فعلًا ماضيًا {رَحْمَتِ}، أي: هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك وذكر الداني عن ابن يعمر: {ذِكْرُ} فعل أمر من التذكير {رَحْمَتِ} بالنصب، و {عَبْدَهُ} نصب بالرحمة وذكر صاحب "اللوامح" أن: {ذكر} بالتشديد ماضيًا، عن الحسن باختلاف وهو صحيح عن ابن يعمر، معناه: أنَّ المتلو أي القرآن ذكَّر برحمة ربك، فلما نزع الباء .. انتصب، ويجوز أن يكون معناه: أن القرآن ذكر الناس تذكيرًا أن رحم الله عبده، فيكون المصدر عاملاً في عبده {زَكَرِيَّا} لأنه ذكَّرهم بما نسوه من رحمة، فتجدد عليهم بالقرآن ونزوله على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجوز أن يكون ذكر على المضي مسندًا إلى الله سبحانه، وقرأ الكلبي: {ذِكْرُ} على المضي خفيفًا من الذكر {رَحْمَتِ رَبِّكَ}: بنصب التاء


(١) زاد المسير.
(٢) الفتوحات.
(٣) البحر المحيط.